كل المعلومات التي تحتاج معرفتها عن الصلع الوراثي

من الطبيعي حين التكلم عن الصلع أن يتبادر إلى الذهن أنه نتيجة حتمية مرتبطة بالتقدم في السن. لكن ماذا لو كان هذا الصلع في عمر مبكر؟ ما السبب في ذلك يا ترى؟ وبالأخص إذا ما كان الشخص لا يشتكي من أية حالة مَرضية تتسبب له بالصلع. في هذه الحالة نحن نتحدث عن أمر له علاقة بالجينات؛ بمعنى أدق نحن نتحدث عن الصلع الوراثي ؛ أحد أسباب تساقط الشعر الأكثر شيوعا.

فما الذي يستلزم معرفته بخصوص هذا النوع من التساقط؟ إنها الغاية من هذا المقال.

ما هو الصلع الوراثي؟

الصلع الوراثي هو اضطراب مرتبط بعوامل وراثية سببها هو الاستجابة المفرطة للأندروجينات. يعاني من هذا النوع من الصلع ما يصل إلى 50% من الرجال والنساء.

فعلى سبيل المثال أكثر من 50 مليون رجل و 30 مليون امرأة في الولايات المتحدة يعانون من الصلع الوراثي.

لدى الرجال عادة ما يكون تساقط الشعر بارزا في الرأس والمناطق الجبهية الصدغية. مقارنة بالنساء الذي يكون منتشرا في التاج وأعلى الرأس.

كيف يحدث الصلع الوراثي؟

إن مجرد تنشيط مُستقبِل الأندروجين يتسبب في تقصير مرحلة الأناجين من دورة نمو الشعر.وما يحدث في الصلع الوراثي هو أن التنشيط المفرط لمُستقبِل الأندروجين يؤدي إلى تصغير الجُريب من خلال مرحلة أناجين أقصر. هذا الأمر قد يتسبب في جعل بصيلات الشعر أرق وأقصر حتى أنها قد لا تخترق البشرة في النهاية.

علاوة على هذا فإن الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الصلع يتميزون ب:

• إنتاج أعلى لثنائي هيدروتستوستيرون.
• مستويات أعلى من مستقبلات مختزلة ألفا -5.
• هرمون الأندروجين في فروة الرأس الصلعاء.

ومن الجدير بالذكر أن الاضطراب الجيني المتعلق بهذا الصلع تشارك فيه كل من جينات الأب والأم. كما أن الآباء الذين عانوا منه نسبة تعرض أبنائهم للصلع الوراثي أعلى من 5 إلى 6 مرات.

متى يحدث الصلع الوراثي؟

يحدث تطور الصلع الوراثي فقط بعد البلوغ، على سبيل المثال الذكور الذين يعانون من متلازمة عدم حساسية الأندروجين ليس لديهم هذا النمط من الصلع.

ما هي أعراض الصلع الوراثي؟

الصلع الوراثي يكون تدريجيا في البداية. فالصلع الوراثي عند الرجال يبدأ على شكل ترقق لفروة الرأس الأمامية ومن ثمّ يتضمن الرأس. بينما الصلع عند النساء يبدأ بترقق الشعر بين الجبهة دون التأثير على خط الشعر الأمامي، وفي العادة يظهر كجزء أوسع أو فروة رأس مرئية.

عند الرجال يكون هذا النمط من الصلع مبكرا إذا حدث قبل سن الـ 30، ويُنظر إليه على أنه النمط الظاهري المكافئ لمتلازمة تكيس المبايض.

وعند النساء يُكشف الصلع الوراثي من خلال مرحلة التيلوجين (ترقق الشعر)، وتحدث عادة بعد شهر واحد إلى 6 أشهر من تحول جزء كبير من الشعر من مرحلة الأناجين (مرحلة النمو) إلى مرحلة التيلوجين بسبب الإجهاد. وهو ما يؤدي في النهاية إلى زيادة عدد بصيلات الشعر في مرحلة التساقط.

كيفية تشخيص الصلع الوراثي

في العادة يُشخّص الصلع الوراثي سريريا بدءا من تاريخ الظهور التدريجي.

سيكون من الضروري إجراء مراجعة شاملة للتاريخ الطبي للشخص إلى جانب قائمة الأدوية التي يتناولها. يبقى الغرض من هذا هو التأكد من عدم وجود أسباب أخرى لهذا المشكل.

ناهيك عن ذلك، قد تكون حاجة لإجراء تشخيص أيضا للغدة الدرقية، بالإضافة إلى فحص نقص الحديد والقدرة الإجمالية على ربط الحديد والفيريتين.

ما هو الفيريتين؟

الفيريتين هو عبارة عن بروتين دموي يحتوي على الحديد.

ما الهدف من فحص الفيريتين؟

يهدف فحص الفيريتين إلى قياس كمية الحديد المخزنة في الجسم.فإذا كان مستوى الفيريتين في الدم أقل من معدله الطبيعي فهذه إشارة على وجود نقص في الحديد،وقد تكون علامة على إصابة الشخص بفقر الدم.

أما إذا كان مستوى الفيريتين أعلى من معدله الطبيعي، فقد تكون هذه إشارة على:

• وجود حالة طبية تجعل الجسم يخزن كمية كبيرة من الحديد.
• أو الإصابة بأمراض الكبد، التهاب المفاصل الروماتويدي أو فرط الدرقية.

من الممكن أيضا إجراء فحص لمرض الزهري (عدوى بكتيرية تأتي من خلال الاتصال الجنسي) إذا ما اشتُبه به. كذلك، قد تكون هناك حاجة إلى إجراء فحص نفسي سريع لأعراض الاكتئاب والاضطرابات النفسية الأخرى.

هل هناك أية مخاطر من الممكن أن يتسبب بها الصلع الوراثي؟

صحيح أن تساقط الشعر يعتبر مشكلة تجميلية أكثر مما تكون صحية، لكن بالنسبة للصلع الوراثي وبحسب دراسات هناك احتمال أن تكون له تأثيرات على صحة الشخص المصاب به الجسدية والنفسية كذلك.

1.الجسدية:

دراسات عديدة أثبتت وجود علاقة قوية بين الصلع الوراثي وبالأخص المبكر مع أمراض القلب والأوعية الدموية بما في ذلك:

• ارتفاع ضغط الدم.
• احتشاء عضلة القلب (يقصد بها النوبة القلبية).
• مقاومة الأنسولين.
• الموت من مرض السكري.
• أمراض القلب.
• الدهون غير الطبيعية.
• السمنة.
• العقم.

هناك أيضا بعض البيانات تشير إلى وجود خطر مزدوج للإصابة بسرطان البروستاتا وارتفاع معدل الوفاة بهذا المرض. فضلا عن ذلك، هناك زيادة متواضعة في خطر إصابة مرضى الصلع الوراثي بسرطان القولون وداء المسالك البولية.

2.النفسية:

للصلع الوراثي تأثيرات سلبية على الصحة النفسية للشخص المصاب به. بما أن الرأس الممتلئ بالشعر يمثل عنصرا أساسيا في الصورة المثالية للجسم. فقد كشفت الدراسات أن هذا النمط من الصلع له تأثير كبير على مظهر المرء واحترامه لذاته، وتساقط الشعر يؤدي إلى تقليل الشخص من احترامه لذاته بشكل كبير.

علاوة على هذا فقد اشتكى الكثير ممن يعانون من الصلع الوراثي من:

• أنهم يبدون أكبر سنا مما هم عليه حقا.
• الخوف من الرفض الاجتماعي عند بحثهم عن شريك الحياة.
• فقدان الجاذبية الاجتماعية.

ما هو دور الأطباء في هذه الحالة إذن؟

يجب على الأطباء أن يكونوا على دراية بالتأثير النفسي لهذا النمط من الصلع، وخاصة بالنظر إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه المجتمع للمظهر الجسدي. لذا فإن العديد من المرضى هم بحاجة للدعم النفسي للتغلب على الآثار النفسية لهذه الحالة.

لذا لا ينبغي للعيادات سيما منها متعددة التخصصات إهمال هذا الجانب، بل يجب تقديم رعاية طبية متكاملة (رعاية طبية من أخصائي الجلد وأخصائيين نفسيين) لمن يعانون من هذه الحالة.

ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أنه لايزال هناك حاجة لمزيد من الأبحاث لتحديد الكيفية الصحيحة لعلاج التأثيرات النفسية المرتبطة بالصلع الوراثي.

كيف يمكن أن يعالج الصلع الوراثي؟

المينوكسيديل الموضعي والفيناسترايد هما الدوائين المعتمدين من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج الصلع الوراثي. المعروف عن هذين الدوائين أن كلاهما تتطلب تجربته لمدة 4 إلى 6 أشهر على الأقل قبل ملاحظة التحسن، ناهيك عن استخدامهما إلى أجل غير مسمى للحفاظ على النتائج، وهما يعملان بشكل أفضل معا! لكن ومع ذلك غالبا ما يبقى الالتزام بهما ضعيفا.

1.المينوكسيديل الموضعي:

متوفر من دون وصفة طبية وبمحاليل مختلفة. يعد محلول 5% هو الأكثر فعالية من بين المحاليل الأخرى.

يعتبر المينوكسيديل مانعا لقناة البوتاسيوم ويوسع الأوعية الدموية ما يسمح بمزيد الأكسجين والدم والمغذيات لبصيلات الشعر، ما يؤدي في النهاية إلى تعزيز مرحلة الأناجين.

من آثاره الجانبية الأكثر شيوعا هي الشعرانية، وكذلك تهيج وتقشر فروة الرأس، وهذا راجع إلى البروبيلين جليكول أو الكحول في تركيبة الدواء.

2.الفيناسترايد:

يوصف الفيناسترايد 1 مغ يوميا وهو أكثر فعالية في زيادة نمو الشعر في المنطقة الأمامية لفروة الرأس. لكن بالنسبة لفعالية فيناسترايد في علاج الصلع الوراثي عند النساء فهي غير واضحة، كما أنه يُمنع على النساء ممن لديهن إمكانيات الإنجاب لأنه يتسبب في إصابة الجنين الذكر بأعضاء تناسلية مشوهة.

المعروف عن آثار فيناسترايد الجانبية أنه يتسبب في حدوث خلل في الوظائف الجنسية ومتلازمة ما بعد الفيناسترايد.

تحدثنا عنها بإسهاب في مقال “تعرف على أشهر الأسئلة المتداولة حول البروبيشيا“.

هناك أدوية أخرى لكنها غير معتمدة من إدارة الغذاء والدواء على غرار دوتاستيريد وغالبا ما يستخدم مع المرضى الذين فشل معهم دواء فيناسترايد.

3.مضادات الأندروجين

مضادات الأندروجين الفموية مثل سبيرونولاكتون هي الأخرى غير معتمدة من إدارة الغذاء والدواء هي تستخدم غالبا عند النساء.

هي ناهض جزئي (مركب كيميائي) ضعيف للغاية لمُستقبِل الأندروجين، مما يمنع هيدرو تستوستيرون وهرمون التستوستيرون الحر من التفاعل مع مستقبل الأندروجين.

فضلا عن ذلك، فهو يمنع تصنيع الأندروجين ويعزز تحويل هرمون التستوستيرون إلى استراديول.

4.الحقن بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية

العلاج بالحقن بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية يعد من بين العلاجات الفعالة للصلع الوراثي. ذلك من خلال استغلال عوامل النمو المشتقة من الصفائح الدموية بما فيها عامل نمو الخلايا الليفية الأساسي، عامل نمو البطانة الوعائية، عامل نمو البشرة، وعامل النمو الشبيه بالأنسولين، بالنظر لقدرتها على تعزيز تكاثر الخلايا والتمايز وتولد الأوعية الدموية الجديدة.

يحدث هذا من خلال تنشيط بروتين BCL-2 وإشارات AKT ما يسمح ببقاء الخلايا الحُليمية أثناء دورة نمو الشعر، كما يسمح أيضا بإطالة مرحلة الأناجين.

بشكل عام وبالمقارنة مع العلاجات التقليدية مثل مينوكسيديل وفيناسترايد، يبدو العلاج بالحقن بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية علاجا واعدا للصلع الوراثي بتكلفة وآثار سلبية أقل.

5.العلاجات المركبة

هناك العديد من العلاجات المركبة لعلاج الصلع الوراثي هذه بعض الأمثلة:

أجريت دراسة على 79 رجلا يعانون من الصلع الوراثي خضعوا لعملية زراعة شعر، أظهر 94% من الذين عولجوا بالفيناسترايد قبل 4 أسابيع من إجراء عملية زراعة الشعر إلى 48 أسبوعا زيادات واضحة في شعر فروة الرأس الأمامية، مقارنة ب 67% الذين لم يتناولوا فيناسترايد قبل إجراء العملية.

أيضا في تجربة أخرى ضمّت 12 مريضا تلقوا مينوكسيديل موضعي 5% جنبا إلى جنب مع الحقن بالبلازما، و 12 مريضا آخر تلقوا فيناسترايد فموي 1 مغ إلى جانب الحقن بالبلازما.

وقد لوحظ في كلا المجموعتين تحسينات في متوسط عدد الشعر وكثافة الشعر أيضا. لكن التأثير الأكبر كان في المجموعة المعالجة بمزيج من المينوكسيديل والحقن بالبلازما، مقارنة بمجموعة الفيناسترايد والبلازما.

نقاط مهمة للفرق الطبية

يشعر معظم مرضى الصلع الوراثي بالحرج من طلب المساعدة الطبية. هذا السبب يجعلهم في الغالب يلجأون إلى الإنترنت للحصول على العلاجات.

الحل هنا يمكن في توعية المرضى، على سبيل المثال، الصيدلي هو واحد من بين المعنيين لتثقيف المرضى حول أسباب وعلاج الصلع الوراثي.

من المهم أيضا معرفة أنه وبمجرد فقدان الشعر تتعرض فروة الرأس للأشعة فوق البنفسجية للشمس، فضلا عن أنه توجد العديد من الأدلة على أن هذا الأمر يزيد من الإصابة بالتقران السفعي (هو عبارة عن بقعة جلدية خشنة ومتقشرة تأتي نتيجة التعرض لأشعة الشمس لسنوات).

بالإضافة إلى ذلك يرتبط الصلع الوراثي لدى الرجال بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب الخطيرة. أما لدى النساء فقد ارتبطت بمتلازمة تكيس المبايض.

لذا يقع على عاتق الأطباء والممرضات والصيدليين العمل معا على تثقيف المرضى حول هذه المشكلة.

هذه كانت أهم المعلومات التي يحتاج الشخص لمعرفتها عن الصلع الوراثي. ننصح جميع من يعانون من هذه المشكلة طلب المساعدة الطبية دون اللجوء إلى الإنترنت للحصول على علاجات قد تزيد من تأزم الوضع.

المصادر:

1. Chin H. Ho; Tanuj Sood; Patrick M. Zito, 2022, Androgenetic Alopecia
2. nyulangone, Types of Hair Loss
3. Mayo Clinic, 2021, ferritin test
4. Mayo Clinic, 2021, syphilis
5. Erica L. Aukerman BS, Mohammad Jafferany MD, 2022, The psychological consequences of androgenetic alopecia: A systematic review
6. Pietro Gentile, Simone Garcovich, 2021, Systematic review: The platelet-rich plasma use in female androgenetic alopecia as effective autologous treatment of regenerative plastic surgery
7. J Cosmet Dermatol. 2021 Dec; Treatment options for androgenetic alopecia: Efficacy, side effects, compliance, financial considerations, and ethics