كثيرة هي العوامل المسببة لتساقط الشعر! إذ منها أساليب العناية بالشعر الخاطئة، حالات مَرضية نفسية كانت أو جسدية، تناول بعض الأدوية، نقص بعض الفيتامينات وغيرها الكثير من المسببات. لكن هل تعلم أن تساقط الشعر في كثير من الأحيان بل وأكثرها شيوعا، يكون متعلقا بالتاريخ الطبي لعائلة الشخص؟
المقصود أنه قد يكون هذا التساقط متوارثا من أحد أفراد العائلة. مع ذلك وربما لقلة الوعي بهذا النوع من التساقط، قد يعاني الكثير من الأشخاص من تساقط الشعر الوراثي من دون أن يدركوا ذلك.
هنا يأتي السؤال؛ كيف تعرف أنك تعاني من تساقط الشعر الوراثي؟
أسباب تساقط الشعر الوراثي
تساقط الشعر الوراثي مثلما يشير إليه اسمه؛ إنه وراثي أي أن الشخص قد ورث الجينات من أحد الأبوين أو كلاهما.
الأمر له علاقة بهرمون الأندروجين، والذي تطرقنا إليه في مقالنا “كل المعلومات التي تحتاج معرفتها عن الصلع الوراثي” اطلع عليه لتفهم أكثر.
إليك كيف يحدث تساقط الشعر الوراثي
ما يحدث في تساقط الشعر الوراثي هو أن طور التنامي من دورة نمو الشعر يصبح أقصر، كما أن الوقت بين تساقط الشعر وبداية مرحلة طور التنامي الجديدة يطول.
مما يعني أن الشعر يستغرق وقتا أطول ليبدأ في النمو مرة أخرى بعد تساقطه في إطار دورة نموه الطبيعية.
علاوة على هذا، فإن بصيلات الشعر أيضا تتغير فتتقلص وتتنج شعرا أقصر وأرق، تدعى هذه المرحلة ب “تصغير الجُريب”. في نهاية المطاف يتسبب هذا الأمر في استبدال الشعر النهائي والذي من المفترض أن يكون أكثر سمكا، وأطول عمرا بشعر أقصر وأرق وذو لون خفيف.
تساقط الشعر الوراثي عند النساء؟
يبدأ تساقط الشعر الوراثي عند النساء في منتصف العمر، أي عندما تكون المرأة في الأربعينيات أو الخمسينيات أو الستينيات من عمرها. أحيانا يمكن أن يبدأ في وقت مبكر لدى بعض النساء. على على سبيل المثال:
- 12% من النساء يُصبن لأول مرة بتساقط الشعر الوراثي القابل للاكتشاف سريريا بعمر 29 سنة.
- 25% بعمر 49 عاما.
- 41% بعمر 69 عاما.
- أكثر من 50% لديهن بعض علامات تساقط الشعر ذو النمط الأنثوي بعمر 79 عاما.
- نسبة 43% فقط من النساء بعمر 80 سنة فما فوق لا يظهر عليهن أي دليل على معاناتهن من هذا النمط من التساقط.
يمكن أن تلاحظ النساء ترقق شعرها. عادة في هذا النوع من التساقط تميل النساء إلى الاستمرار في فقدان الشعر لكن لا يفقدنه بالكامل مثلما هو الحال عند الرجال.
كما أن النساء يتعرضن لاتساع المسافات بين الشعر، بالإضافة إلى انحسار الشعر القريب من الصدغين.
أسباب تساقط الشعر الوراثي عند النساء
تبقى أسباب تساقط الشعر ذو النمط الأنثوي غير مفهومة جيدا لكنها قد تكون مرتبطة بأحد الأسباب التالية:
- الشيخوخة: بسبب التغيرات في مستويات الأندروجين.
- التاريخ العائلي لتساقط الشعر الأنثوي.
- فقدان شديد للدم أثناء فترات الحيض.
- بعض الأدوية، مثل موانع الحمل الاستروجينية.
أعراض تساقط الشعر الوراثي لدى النساء
هذه هي أعراض تساقط الشعر الوراثي عند النساء:
يخف الشعر بشكل رئيسي في الجزء العلوي وتاج فروة الرأس. كما يبدأ بتوسع جزء الشعر المركزي، يُعرف هذا النمط من تساقط الشعر بنمط شجرة عيد الميلاد.
لا يتأثر خط الشعر الأمامي بتساقط الشعر.
إذا كان سبب تساقط الشعر هو زيادة الأندروجينات، فإن شعر الرأس يصبح أرق بينما شعر الوجه يصبح أكثر خشونة.
لا تظهر أي حكة أو تقرحات جلدية على مستوى فروة الرأس.
تصنيف لودفيج لتساقط الشعر الوراثي لدى النساء
عادة ما يستخدم الأطباء تصنيف لودفيج لوصف تساقط الشعر ذو النمط الأنثوي لدى النساء على النحو التالي:
الدرجة الأولى: ترقق خفيف لشعر التاج ومحدود في الأمام بخط يقع 1_3 سم خلف خط الشعر الأمامي. يمكن تمويهه باستخدام تقنيات تصفيف الشعر.
الدرجة الثانية: يتميز هذا النوع بترقق واضح للشعر واتساع ملحوظ لجزء الخط الأوسط.
الدرجة الثالثة: تساقط الشعر الكلي مع بروز المنطقة المصابة بتساقط الشعر في فروة الرأس.
كيفية تشخيص تساقط الشعر الوراثي لدى النساء
يُشخّص تساقط الشعر الوراثي عند النساء على النحو التالي:
- استبعاد الأسباب الأخرى لتساقط الشعر مثل أمراض الغدة الدرقية أو نقص الحديد.
- مظهر ونمط تساقط الشعر.
- التاريخ الطبي للشخص.
سيتطلب الأمر أيضا إجراء فحوصات الغاية منها البحث عن علامات أخرى تدل على وجود فرط في هرمون الأندروجين، على سبيل المثال:
- نمو غير طبيعي للشعر الجديد؛ كشعر على الوجه أو بين السرة ومنطقة العانة.
- تغييرات في فترات الحيض.
- حب الشباب الجديد.
أيضا يمكن أخذ خزعة من الجلد من فروة الرأس أو إجراء اختبارات الدم لتشخيص اضطرابات الجلد التي تسبب تساقط الشعر.
بالإضافة إلى ما سبق يمكن اللجوء أيضا إلى منظار الجلد أو المجهر للتحقق من وجود مشاكل في بنية جذع الشعر نفسه.
تساقط الشعر الوراثي لدى الرجال
بالنسبة لتساقط الشعر الوراثي عند الرجال يمكنه أن يبدأ مبكرا. في بعض الأحيان قد يبدأ في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينيات.
كما يمكن أن يظهر لاحقا عند بلوغ سن الخمسين.فيما يخص أبرز علاماته فتتمثل في ترقق الشعر أو انحسار خط الشعر أو حتى الصلع.
أسباب تساقط الشعر الوراثي لدى الرجال
تساقط الشعر الوراثي لدى الرجال مرتبط بالجينات والهرمونات الجنسية الذكرية.
أعراضه:
يبدأ النمط النموذجي لتساقط الشعر ذو النمط الذكوري عند خط الشعر.يتراجع خط الشعر تدريجيا إلى الخلف مُشكّلا شكل الحرف اللاتيني “M”.غالبا ما تتضاءل المنطقة الدائرية الموجودة في الجزء الخلفي من الرأس ويتوسع حجمها مع مرور الوقت.
في النهاية يصبح الشعر أرق وأقصر ويخلق نمطا على شكل حرف “U” أو حدوة حصان في الشعر الموجود على جانبي الرأس والمنطقة الصلعاء في مؤخرة الرأس.
كيفية تشخيص تساقط الشعر الوراثي لدى الرجال
عادة ما يُشخّص تساقط الشعر الوراثي لدى الرجال بناء على مظهر ونمط تساقط الشعر. مع ذلك يجب الإحاطة علما بأن تساقط الشعر هذا قد تكون له أسباب أخرى، في هذه الحالة يمكن القول أن تساقط الشعر ليس وراثيا إذا حدث:
- تساقط الشعر على شكل بقع.
- إذا كان الشعر متقصفا.
- إذا حدث تساقط الشعر مع احمرار أو قشور أو ألم أو قيح.
كما هو الحال عند تشخيص تساقط الشعر ذو النمط الأنثوي، عند الرجال أيضا قد تكون هناك حاجة لأخذ خزعة الجلد، أو اختبارات الدم، أو فحوصات أخرى لتشخيص الاضطرابات الأخرى المسببة لتساقط الشعر.
علاوة على هذا، حتى إجراء تحليل للشعر لا يعد دقيقا لتشخيص تساقط الشعر الذي يحدث بسبب التغذية أو الاضطرابات المماثلة، لكنه قد يكشف عن وجود مواد سامة مثل الزرنيخ أو الرصاص.
هل يتشابه تساقط الشعر الوراثي عند كلا الجنسين؟
على الرغم من وجود أوجه تشابه ما بين تساقط الشعر الوراثي عند النساء ونظيره عند الرجال، إلا أنه توجد نقاط اختلاف ما بينهما نذكر منها:
- القابلية للإصابة.
- عمر بداية التساقط.
- معدل التقدم.
- النمط.
بالإضافة إلى ذلك فإن النساء يعتبرن أكثر وعيا بالدرجات الدقيقة لتساقط الشعر. كما أن سن ظهور تساقط الشعر الوراثي عند النساء يكون متأخرا عن ذاك الذي يظهر عند الرجال.
أشياء مهمة ينبغي معرفتها عن تساقط الشعر الوراثي
بالنسبة لكلا الجنسين هذا ما يجب معرفة هذه الأمور عن تساقط الشعر الوراثي:
- في العادة لا يكون تساقط الشعر الوراثي علامة على وجود اضطراب طبي أساسي.
- يمكن لهذا النمط من تساقط الشعر أن يؤثر على احترام الذات ويتسبب في القلق.
- عادة ما يكون هذا النوع من تساقط الشعر دائما.
- لا توجد وسيلة للوقاية من تساقط الشعر الوراثي.
علاجات تساقط الشعر الوراثي
من دون أدنى شك أن علاجات تساقط الشعر الوراثي تعتمد على المينوكسيديل و الفيناسترايد:
1.المينوكسيديل:
المينوكسيديل وبالنسبة لكلا الجنسين فهو يُطبق مباشرة على فروة الرأس لتحفيز بصيلات الشعر وإبطاء تساقط الشعر أو نموه من جديد في بعض الحالات.
المينوكسيديل الموضعي بالنسبة للنساء
بالنسبة للنساء يوصى بمحلول 2% أو رغوة 5%.كما أن المينوكسيديل قد يساعد على نمو الشعر في حوالي امرأة واحدة من بين كل 4 أو 5 نساء.وفي معظم النساء قد يبطئ أو يوقف تساقط الشعر.
إذا لم يعمل مينوكسيديل مع النساء فقد يوصي الطبيب بأدوية أخرى مثل:
- سبيرونولاكتون.
- سيميتيدين.
- حبوب منع الحمل.
- الكيتوكونازول.
- أو أدوية أخرى.
علاجات تساقط الشعر الوراثي لدى الرجال
أما بالنسبة للرجال وإلى جانب مينوكسيديل، نضيف فيناسترايد لعلاج تساقط الشعر الوراثي والمعروف عنه إبطاء تساقط الشعر من خلال تثبيطه لإحدى الهرمونات المرتبطة بهذا التساقط.ناهيك عن أنه يعمل بشكل أفضل مع المينوكسيديل.
تجدر الإشارة إلى أننا في العديد من مقالاتنا السابقة كنا قد تطرقنا إلى الكثير من التفاصيل المتعلقة بهذين الدوائين يمكن العودة إليها لفهم أفضل.
العلاجات المركبة
على الرغم من أن الدراسات حول العلاجات المركبة قليلة ولم تتم الموافقة على أي منها من قبل إدارة الغذاء، ومع ذلك قد أظهر بعض المرضى فعالية كبيرة لهذه العلاجات.
على سبيل المثال المينوكسيديل الموضعي و الفيناسترايد الفموي واحدة من بين العلاجات المركبة الأكثر شيوعا والمستخدمة لعلاج تساقط الشعر الوراثي.
وهذه بعض الأمثلة الأخرى:
المينوكسيديل وسبيرونولاكتون
أظهر الجمع ما بين المينوكسيديل و سبيرونولاكتون نتائج واعدة في علاج تساقط الشعر الوراثي. إذ تبين أن جرعة منخفضة من مينوكسيديل الفموي 0٫25 مغ، وسبيرونولاكتون 25 مغ قد قللت من حدة تساقط الشعر في إحدى الدراسات التي أجريت على 100 امرأة.
العلاج بالليزر منخفض المستوى مع المينوكسيديل أو الفيناسترايد
في 3 دراسات أجريت على 133 شخصا استُخدم فيها العلاج بالليزر منخفض المستوى مع المينوكسيديل الموضعي، تفوق هذا العلاج المركب على العلاج الأحادي. كما أظهرت اثنتان من هذه الدراسات زيادة ملحوظة في عدد الشعر.
ومع ذلك دراسة أخرى أجريت على 32 مريضا أثبتت عدم وجود فرق ما بين العلاج بالليزر منخفض المستوى بمفرده، أو بالاقتران مع المينوكسيديل أو الفيناسترايد.
الوخز بالإبر مع المينوكسيديل الموضعي
الوخز بالإبر مع المينوكسيديل الموضعي أظهر هو الآخر تفوقا على العلاج الأحادي في علاج تساقط الشعر الوراثي، وذلك في 3 دراسات أجريت على 192 مريضا، وقد أظهرت النتائج زيادة في عدد الشعر.
أيضا فيما يتعلق بالعلاج بالوخز بالإبر فقد بيّن هذا الأخير فعاليته إذا ما اقتُرن بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية، إذ كانت من نتائجه زيادة ملحوظة في عدد جذع الشعر من دون الإبلاغ عن أي آثار سلبية.
لكن وعلى الرغم من الفعالية التي أثبتتها هذه العلاجات المركبة لا ننصح بأي منها من دون استشارة أخصائي الجلد.
يمكن القول إذن أنه يصعب الجزم عما إذا كان الشخص يعاني تساقط الشعر الوراثي أم لا، خاصة عند النساء والذي لا تزال أسباب حدوثه غير مفهومة. وهو ما يستدعي القول أن التشخيص الطبي وإجراءات فحوصات معمقة أمر لا بد منه للكشف عنه ومن ثم وصف العلاج المناسب للحد من التساقط.
المصادر:
- AAD, 2022, THINNING HAIR AND HAIR LOSS: COULD IT BE FEMALE PATTERN HAIR LOSS?
- Harvard Health Publishing, 2020, Treating female pattern hair loss
- Quan Q Dinh and Rodney Sinclair, 2007, Female pattern hair loss: Current treatment concepts
- medlineplus, 2022, Female pattern baldness
- J Cutan Aesthet Surg. 2016 Jan-Mar; Classifications of Patterned Hair Loss: A Review
- AAD, Paula Ludmann, MS, 2022, WHAT IS MALE PATTERN HAIR LOSS, AND CAN IT BE TREATED?
- medlineplus, 2023, Male pattern baldness
- Clin Interv Aging. 2007 Jun; Quan Q Dinh and Rodney Sinclair, Female pattern hair loss: Current treatment concepts
- J Cosmet Dermatol, 2021; Treatment options for androgenetic alopecia: Efficacy, side effects, compliance, financial considerations, and ethics