يعتبر تساقط الشعر مشكلة مزعجة لدى الكثيرين، تؤرقهم وتفقدهم الثقة في أنفسهم، وخاصة لو تفاقم الأمر مع المصابين بالثعلبة الأندروجينية، خاصة من النساء، لتصل الحالة لما يسمى بالصلع الأنثوي female pattern baldness، في هذه المقالة سنعرف أكثر عن الصلع الأنثوي، ماهو، أسبابه، وعلاجاته.
ما هو الصلع الأنثوي female pattern baldness؟
الصلع الأنثوي هو شكل من أشكال تساقط الشعر الوراثي (الصلع الوراثي) الذي يؤثر على دورة نمو الشعر الطبيعية، ويحدث بين النساء المصابات بالثعلبة الأندروجينية (Androgenetic Alopecia)، حيث يحدث ترقق واضح للشعر في مناطق مختلفة من فروة الرأس، بجانب زيادة تساقط الشعر.
dولد كل شخص بعدد ثابت من بصيلات الشعر على فروة رأسه، تلك البصيلات هي التي تنتج الشعر طوال حياة الإنسان.
ينمو الشعر من البصيلة بمعدل سنتيمتر واحد تقريبًا في الشهر لمدة ثلاث سنوات تقريبًا. و تسمى مرحلة النمو هذه طور التنامي. ثم بعد ذلك يموت الشعر فما يسمى بفترة التراجع ولا ينمو بل يظل في داخل البصيلة مدة ثلاثة أشهر. لتمر بصيلات الشعر بعدها بمرحلة طور النمو مرة أخرى لإنتاج شعر جديد ينمو من نفس البصيلة، مع نموه. يتم إزاحة الشعر القديم أو دفعه للخارج، تستمر دورة الشعر طوال الحياة.
ينمو الشعر داخل هذه البصيلات بصورة طبيعية على شكل 3 او 4 خصلات في البصيلة الواحدة، ولكن في الصلع الوراثي يحدث خلل في أطوار النمو الطبيعية، فتفقد البصيلات الشعر تدريجيًا، بعدها تختفي كل الشعيرات الموجودة في البصيلة، ويترقق حجم وكثافة الشعر، وتظهر فروة الرأس من بين الخصلات بصورة واضحة.
تتأثر الكثير من النساء بالصلع الأنثوي، على الرغم من أنه ليس منتشر بينهن كما هو منتشر بين الرجال، حيث أنه حوالي 40 بالمئة من النساء في سن الخمسين تظهر عليهن علامات كبيرة لتساقط الشعر.
هل هناك فرق بين الصلع الذكوري الصلع الأنثوي؟
نعم، يختلف الشكل الأنثوي للصلع الوراثي عن النمط الذكوري، الذي يبدأ بتراجع خط الشعر من الأمام والجانبين، ليتطور إلى رقعة صلعاء أعلى الرأس، ولكن في النساء يحدث الأمر بصورة مختلفة تماما، فيبدأ التساقط وترقق الشعر في فروة الرأس كلها، تحديدا خط فرق الشعر في المنتصف، من النادر أن تصاب امرأة بالشكل الذكوري للصلع، إلا إذا كانت مصابة بإنتاج مفرط للأندروجينات في الجسم، ولا يحدث عادة تساقط كامل للشعر في النمط الأنثوي.
ما هي الأسباب التي تؤدي إلى حدوث نمط الصلع الأنثوي؟
تلعب الجينات والعوامل الوراثية دورا كبيرا وأساسيا في ظهور الصلع الأنثوي، ويظهر أكثر مع التقدم بالعمر، خاصة في فترة ما بعد انقطاع الطمث.
حاليا، لم توضح الأبحاث إذا ما كانت الأندروجينات ( الهرمونات الذكرية) تلعب دورا في ظهر هذا الشكل من الصلع الوراثي، لأن بعض المصابات به لديهن مستويات طبيعية من الأندروجين.
قد يكون هذا الشكل من الصلع الوراثي ( الصلع الأنثوي) جرس إنذار لوجود أمراض مناعية مثل داء الثعلبة، والذي يهاجم الجهاز المناعي لبصيلات الشعر، أو بسبب أمراض أخرى مثل: أورام المبيض أو الغدة الكظرية، أو متلازمة تكيس المبايض.
تؤثر الوراثة أو ارتفاع معدلات الاندروجين على دور نمو الشعر الطبيعي، حيث أن الإنسان الطبيعي يفقد جزءا من شعره كل يوم بصورة عادية – من خمسين إلى مئة شعرة يوميا) ولكن هذا الشعر المتساقط تستبدله الخصلات بشعر جديد، تحدث بداية المشكلة عندما تتوقف البصيلات عن إنتاج شعر جديد مع استمرار تساقط القديم.
كيف يمكن معالجة الصلع الأنثوي؟
يجب أن تتم معالجة الصلع الأنثوي بمجرد ملاحظة تساقط أو ترقق زائد للشعر، وذلك لمنع دمار أكبر عدد ممكن ممن بصيلات الشعر، والمحافظة على البصيلات السليمة وتحفيز نمو الشعر بها، ولهذا الغرض فنجد العديد من العلاجات الدوائية التي تساعد على إعادة نمو الشعر:
مينوكسيديل:
أشهر علاج لتساقط الشعر، وهو علاج تمت الموافقة عليه من إدارة الدواء الأمريكية لغرض علاج أنماط الصلع الوراثي لدى النساء والرجال ( على الرغم أنه في الأساس علاج لارتفاع ضغط الدم) ويستخدم كعلاج فموى أو كعلاج موضعي يتم وضعه على فروة الرأس مباشرة، ويفضل الأطباء في حالة الصلع الأنثوي وصف تركيز 2% من المينوكسيديل الموضعي لأنه مناسب أكثر للسيدات، ولكن رغم ذلك قد يصف بعض الأطباء تركيز 5% الموضعي وتحت إشرافهم لحالات معينة.
تظهر نتائج المينوكسيديل في غضون ستة أشهر من بداية استعماله، وقد تصل المدة إلى سنة حسب شدة الحالة.
على الرغم من أن المينوكسيديل فعال للغاية في علاج الصلع الوراثي بنوعيه الذكوري والصلع الأنثوي، إلا أن آثاره الجانبية كثيرة مثل ( تهيج فروة الرأس- الجفاف- الحكة- نمو الشعر غير المرغوب فيه على مناطق أخري من الرأس كالوجه مثلا إن لمسه بالخطأ)، ومن أكبر عيوب المينوكسيديل أيضا عودة الشعر للتساقط مرة أخرى بمجرد التوقف عن الدواء.
مضادات الأندروجين:
تعتبر الأدوية من عائلات مضادات الأندروجين علاجا فعالا للصلع الأنثوي، حيث تقلل هذه الأدوية من إنتاج الجسم لها وبالتالي تساعد على إعادة إنتاج الشعر مرة أخرى من البصيلات، أشهر هذه الأدوية (مثل سبيرونولاكتون وسيبروتيرون وفيناسترايد فلوتاميد).
موانع الحمل الفموية:
تستخدم بعض النساء اللاتي تعانين من الصلع الأنثوي الوراثي موانع الحمل الفموية لتساعدهم على منع ووقف تساقط الشعر.
لكن غالبا لا تُستخدم وحدها، بل تعمل جنبا إلى جنب مع علاجات أخرى مثل سبيرونولاكتون spironolactone (الداكتون Aldactone)الذي يقلل من إنتاج مستويات الاندروجين ويساعد على السيطرة على تساقط الشعر.
مع ذلك، لا يمكن استخدام جميع حبوب منع الحمل كعلاج للصلع الأنثوي مع علاج سبيرونولاكتون، لأنه قد نجد أن المشكلة تفاقمت وزاد تساقط الشعر أكثر خاصة عند النساء ذوات الحساسية العالية لتغير الهرمونات داخل أجسامهن.
حبوب منع الحمل ذات مؤشر الأندروجين المنخفض low androgen هي الوحيدة التي يجب استخدامها كعلاج لتساقط الشعر -بعد استشارة الطبيب-، لأن حبوب منع الحمل التي تحتوي على نسبة عالية من الأندروجين قد تساهم في زيادة وتفاقم المشكلة لدى النساء.
ملحوظة هامة:
العلاجات الدوائية لا تناسب كل الأشخاص بنفس الطريقة، كما أن لها آثارا جانبية قد تؤذي البعض، لذا يجب استشارة الطبيب قبل تناول أي دواء لعلاج نمط الصلع الأنثوي.
زراعة الشعر:
في الحالات الشديدة أو الصعبة من الصلع الوراثي، والتي يحدث فيها تدمير لأغلب بصيلات الشعر، تختار السيدة زراعة الشعر كبديل للشعر المفقود، حيث يقوم الطبيب بأخذ جزء من الشعر من منطقة يكون الشعر فيها صحيا، ويزرعه في مكان الشعر الفارغ/ وعادة ما تكون المنطقة التي يقوم الطبيب بزرع الشعر منها غير متأثرة بتساقط الشعر.
هل يمكن تجنب حدوث الصلع الأنثوي من البداية؟
للأسف، ولأن الصلع الأنثوي هو من النمط الوراثي، فمن الصعب تجنبه تماما، ولكن يمكن تقليل آثاره و انتشاره عن طريق التشخيص المناسب لدى الطبيب مبكرا، والاهتمام بالشعر أكثر بعدم تعريضه لمواد كيميائية أو شده بتصفيفات قاسية، وتقليل استخدام حمامات الزيت الساخن والمجففات وأدوات التمليس، إلى جانب نظام صحي من الطعام المتوازن.
الصلع الوراثي الأنثوي مشكلة حقيقية تؤثر على الصحة النفسية للنساء المصابات، بل وقد تعرقل الحياة الطبيعية لهن في بعض الأحيان، وليست مشكلة تجميلية كما يظن البعض، لذا يجب الاهتمام بها ومعالجتها بمجرد ظهور الأعراض الأولى لها.