يعتبر تساقط الشعر من أكثر مشاكل الشعر شيوعا ويحدث لنسبة كبيرة من الرجال والنساء، والتي تؤرق المصاب وتؤثر على مظهره وثقته بنفسه خاصة لدى السيدات، وللتساقط أشكال وأنواع كثيرة مثل: تساقط الشعر الكربي telogen effluvium والثعلبة البقعية alopecia areata وتساقط الشعر الوراثي androgenetic alopecia وهو النوع الذي سنتحدث عنه في هذه المقالة.
قبل الحديث عن تساقط الشعر الوراثي، ولفهم هذه الحالة أكثر دعونا نتعرف أولا عن تكوين الشعر ودورة نموه.
مم يتكون الشعر؟
يتكون الشعر من عدة بروتينات أهمها الكيرياتين كبنية ليفية، تنمو خصل الشعر من هياكل تشبه القمع الأنبوبي تسمي بصيلات الشعر، ويبدأ تكوين جذع الشعرة الواحدة بمجموعة من الخلايا الجذعية تسمي بصلة الشعر وذلك بعد الانقسام السريع للخلايا المتكاثرة في هذه البصيلات، من مصفوفة بصلة الشعر في الجزء السفلي من بصيلة الشعر تنشأ ست طبقات متحدة المركز، لتنمو الخصلات – الجذع- المحتوى على الكرياتين والماء والدهون والمعادن وصبغة الميلانين – التي تعطي الشعر اللون- ونسبة من الأحماض الأمينية السيستين.
العنصر الجلدي الوحيد في بصيلات الشعر هو الحليمة الجلدية، والتي تتكون من مجموعة من الخلايا الليفية التي تدور في الجزء الظهاري من بصيلات الشعر.
إنها مسؤولة عن التحكم في دورة الشعر، قطر الشعر الناتج مرتبط بشكل مباشر بحجم الحليمة. إذا تمت إزالة الحليمة الجلدية، يتم منع المزيد من النمو. خلال الدورة، لا توجد تغييرات كبيرة في مورفولوجيا الحليمة.
ما هي دورة النمو التي تتأثر بتساقط الشعر الوراثي (الثعلبة الأندروجينية)؟
تحتوي فروة الرأس المتوسطة على حوالي 100000 شعرة تمر كل منها بشكل طبيعي بدورات من النمو تتكون من ثلاث مراحل:
طور النمو: وهي أطول مرحلة حيث يدخل ما يقرب من 85-90٪ من الشعر في طور النمو في أي وقت. بالنسبة لشعر فروة الرأس، يمكن أن تختلف مرحلة النمو هذه من 2 إلى 6 سنوات، ينمو خلالها الشعر حوالي 10 سم سنويًا.
طور التراجع: هذه مرحلة انتقالية تستمر حوالي أسبوع أو أسبوعين، وخلال هذه الفترة تتقلص بصيلات الشعر إلى حوالي 1/6 من طولها الطبيعي. يتم تدمير الجزء السفلي من الجريب وتتفكك الحليمة الجلدية لتستقر تحت الجريب.
طور الراحة التيلوجين: عادة ما تستمر مرحلة التيلوجين من 5 إلى 6 أسابيع. خلال هذا الوقت، يظل الشعر مرتبطًا بالبصيلة ولكنه لا ينمو.
ما يقرب من 10-15٪ من الشعر يرتاح في أي وقت. في نهاية مرحلة التيلوجين، تبدأ الجريب مرة أخرى في طور التنامي، أما الحليمة الجلدية، التي كانت مسترخية منذ نهاية مرحلة التراجع، تعود إلى قاعدة الجريب ويبدأ شعر جديد في التكون. إذا لم يتساقط الشعر القديم بالفعل، فإن الشعر الجديد سيدفعه للخارج. ومن المعتاد أن تتساقط ما بين 50 إلى 100 شعرة من الرأس كل يوم.
تساقط الشعر الوراثي، ما هو؟
هو عملية فسيولوجية لدى الأفراد المهيئين وراثياً الذين يطورون تساقط شعر فروة الرأس منقوشًا يتميز بالتصغير التدريجي للبصيلات والتحويل التدريجي من الشعر النهائي إلى الشعر الزغبي الخفيف حسب الدراسات.
تحدث بسبب فشل الجسم في إنتاج شعر جديد في مناطق معينة من فروة الرأس. لذلك، فإن ظهور تساقط الشعر من النوع الوراثي عملية تدريجية، ولا تتميز عادةً بفقدان الشعر المفاجئ أو المفرط.
يؤثر تساقط الشعر الوراثي – حسب الأبحاث – على ما يقرب من خمسون بالمئة من الذكور بالولايات المتحدة بدرجات مختلفة، ويزداد عند النساء بعد سن انقطاع الطمث.
لماذا يحدث تساقط الشعر الوراثي؟
يعتبر هذا النوع من التساقط أكثر أنواع التساقط شيوعا، ويحدث في أى وقت بداية من عمر المراهقة – بالنسبة للرجال على وجه الخصوص-، ويحدث بسبب ثلاث عوامل مجتمعين أو متفرقين- كما ذكر موقع جامعة هارفرد– :
- الهرمونات الذكرية.
- التقدم في العمر.
- الميل الوراثي وهي أكثر العوامل انتشارا.
حددت الدراسات أن الوراثة تمثل حوالي 80 ٪ من الاستعداد للثعلبة الأندروجينية، تعمل العوامل الوراثية على تعديل حجم استجابة بصيلات الشعر للأندروجينات المنتشرة.
أولئك الذين لديهم استعداد قوي يصابون بالصلع في سنوات المراهقة، في حين أن أولئك الذين لديهم استعداد ضعيف قد لا يصابون بالصلع حتى يبلغوا الستينيات أو السبعينيات من العمر. أقل من 15 ٪ من الرجال يعانون من صلع ضئيل أو معدوم الصلع بحلول سن السبعين.
ما يرثه الأشخاص الذين يعانون من تساقط الشعر الوراثي في الواقع – حسب الجمعية الأمريكية لتساقط الشعر– هو بصيلات الشعر ذات الحساسية الجينية للديهدروتستوستيرون (DHT)، حيث تبدأ بصيلات الشعر الحساسة لـ DHT في الصغر مما يؤدي إلى تقصير عمر كل بصيلة شعر مصابة، وفي النهاية تتوقف هذه البصيلات المصابة عن إنتاج شعر مقبول من الناحية التجميلية.
يعرف هذا النوع من التساقط بأسماء مختلفة: الثعلبة الأندروجينية Androgenic alopecia، الصلع الأنثوي النمطي Female pattern baldness، داء الثعلبة الذكوري Male pattern alopecia، الصلع الذكوري النمطي Male pattern baldness، الصلع النمطي Pattern baldness .
يرتبط تساقط الشعر الوراثي عند الرجال بالعديد من الحالات الطبية الأخرى –حسب الدراسات– بما في ذلك أمراض القلب التاجية وتضخم البروستاتا.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سرطان البروستاتا، واضطرابات مقاومة الأنسولين (مثل السكري والسمنة)، وارتفاع ضغط الدم (ارتفاع ضغط الدم) مرتبطة بالثعلبة الأندروجينية.
في النساء، يرتبط هذا النوع من تساقط الشعر بزيادة خطر الإصابة بمتلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS). تتميز متلازمة تكيس المبايض بخلل هرموني يمكن أن يؤدي إلى عدم انتظام الدورة الشهرية، وحب الشباب، وزيادة الشعر في أماكن أخرى من الجسم (الشعرانية)، وزيادة الوزن.
كيف يحدث تساقط الشعر الوراثي؟
توصل الباحثون إلى أن هذا النوع من تساقط الشعر مرتبط بهرمونات تسمى الأندروجينات، وخاصة الأندروجين المسمى ديهدروتستوستيرون.
الأندروجينات مهمة للتطور الجنسي الطبيعي للذكور قبل الولادة وأثناء البلوغ. للأندروجينات أيضًا وظائف مهمة أخرى في كل من الذكور والإناث، مثل تنظيم نمو الشعر والدافع الجنسي، يمكن أن تؤدي زيادة مستويات الأندروجين في بصيلات الشعر إلى دورة أقصر من نمو الشعر ونمو خيوط أقصر وأرق من الشعر.
بالإضافة إلى ذلك، هناك تأخير في نمو الشعر الجديد ليحل محل الخيوط المتساقطة.
تميل الثعلبة الأندروجينية إلى أن تبدو مختلفة بين الذكور والإناث. عند الرجال، النمط المعتاد لتساقط الشعر هو انحسار خط الشعر مع تساقط الشعر من أعلى وأمام الرأس، غالبًا في نمط كلاسيكي على شكل حرف M، حيث يكون بداية تراجُع خط الشعر وتاجه الخفيف.
يبدو أن الشعر في هذه المناطق بما في ذلك الصدغ وفروة الرأس الأمامية هو الأكثر حساسية للديهدروتستوستيرون. يتطور هذا النمط في النهاية إلى صلع أكثر وضوحًا في جميع أنحاء الجزء العلوي من فروة الرأس، تاركًا فقط حافة أو نمط “حدوة الحصان” من الشعر المتبقي في المراحل الأكثر تقدمًا، بالنسبة لبعض الرجال حتى حافة الشعر المتبقية يمكن أن تتأثر بالديهدروتستوستيرون DHL.
في النساء، يكون النمط المعتاد لتساقط الشعر هو ترقق قمة الرأس، مع بقاء خط الشعر الأمامي فوق الجبهة. من غير المرجح أن تعاني المرأة من الصلع الكلي.
متى يتوقف تساقط الشعر الوراثي؟
هناك الكثير من العلاجات التي تؤدي لتقليل آثار تساقط الشعر الوراثي، ولأن الشعر يميل إلى التساقط على مدار سنوات، فأنه من الأفضل أن يبدأ العلاج بشكل مبكر بمجرد ملاحظة التساقط، من أجل منع أو حتى إبطاء أكبر قدر ممكن من سقوط الشعر وذلك لأنه للأسف لا يوجد علاج لحالات الثعلبة الأندروجينية في المراحل المتقدمة.
– يفضل دائما اللجوء لطبيب الجلدية المتخصص لمعرفة ووصف العلاج المناسب حسب تشخيص الحالة – .
أكثر المنتجات شيوعًا لعلاج تساقط الشعر هي الأدوية الاصطناعية والعلاجات الطبيعية:
أولا: العلاجات الدوائية:
المينوكسيديل:
يعتبر المينوكسيديل أول دواء تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج الصلع الذكوري ( تساقط الشعر الوراثي)، ولسنوات عديدة كان المينوكسيديل الفموى على شكل حبوب يستخدم على نطاق واسع لعلاج ارتفاع ضغط الدم، حتى لاحظ بعض الأطباء زيادة الشعر في الكثير من المرضى.
فكر الكثير من الباحثين لهذا السبب في تطبيق المينوكسيديل موضعيا على أجزاء فروة الرأس المصابة بأنواع مختلفة من الثعلبة، وثبت بالفعل أن هذا العلاج الثوري يبطئ من تقدم تساقط الشعر ويعيد نمو الشعر في بعض الأحيان، حيث يعزز نمو الشعر من خلال عمله لفتح قنوات البوتاسيوم وتوسيعه للأوعية الدموية التي تجعل تدفق الدم للبصيلات أكثر وبالتالي تسريع نمو الشعر.
فيناستريد:
استخدم الأطباء الفيناستريد في البداية كدواء لعلاج تضخم البروستاتا، وخلال التجارب لاحظ الباحثين أثر جانبي لهذا الدواء وهو زيادة نمو الشعر، وقررت بعد ذلك شركة من شركات الأدوية أن تطور الدواء ليصبح علاج لتساقط الشعر الوراثي ( خاصة النمط الذكوري)، وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام 1997 على جرعة 1 ملغرام من الفيناسترايد لعلاج الثعلبة الذكورية.
يعود نجاح فيناستريد في علاج الصلع الذكوري إلى أنه يخفض نسبة الهيدروتستيرون إلى 60% – لأنه يعتبر من مضادات الأندروجينات التى تؤدي لتساقط الشعر – مما يؤدي إلى تراجع نسب تساقط الشعر إلى 86 % من الرجال الذين أدوا التجارب السريرية.
ملاحظة هامة:
يجب عدم اللجوء لهذه العلاجات الدوائية دون اللجوء للطبيب، لأنها كأي دواء صناعي لها آثار جانبية قد تؤثر عليك بشكل سلبي- .
ثانيا: العلاجات الطبيعية:
تتجه العديد من الدراسات إلى استخدام المستحضرات العشبية بديلا عن الدواء الصناعي للكثير من الأمراض وذلك لكونها قليلة الآثار الجانبية، وتتمتع بكونها متاحة وأرخص سعرا، وفي حالة تساقط الشعر الوراثي فإنها تتمتع بنشاط أكبر على فروة الرأس، ويمكن أن تكون بديلا ممتازا لعلاجات التساقط الدوائية.
تحتوي أكثر من ثلاثين نوعا -حسب مراجعة تمت في عام 2011- النباتات على خصائص تقلل من نمو الشعر، ولكن ليست كلها ثبت فعاليتها سريريا في نمو الشعر، سنركز هنا فقط على بعض تلك الأعشاب التى تم دعمها بالدراسات والتجارب السريرية.
1- مستحضر الثوم:
يعتبر تطبيق الثوم موضعيا من العلاجات التقليدية للصلع، حيث أن المكون الرئيسي لفص الثوم هو الأحماض الأمينية التى تحتوي على الكبريت، حيث يتم تحويل الإنزيم إلى الأليسين المسؤول عن علاج الصلع، وعلى الرغم من قلة الدراسات التى تحدد آلية تحفيز الثوم لنمو الشعر، إلا أنه يُعتقد أن تأثير الثوم على الاستجابة المناعية قد يكون له تأثير في هذه الحالة.
في دراسة سريرية طب تطبيق جب الثوم عديم الرائحة كعلاج لمدة 3 أشهر، وكان نمو الشعر ملحوظا في المجموعة التى طبقت الجل، لذا اقترحت هذه الدراسة الثوم كعلاج فعال طويل الأمد.
2- الشاي الأخضر:
تحتوي أوراق الشاي الأخضر على خصائص مضادة للأكسدة التي لها تأثير طبيعي محفز لنمو الخلايا الكيراتينية الموجودة فى فروة الرأس، وقد وجدت دراسة أن تطبيق خلاصة الشاي الأخضر تؤدي لإطالة طور النمو، مما يؤدي لإبطاء التساقط.
3- جل الصبار:
كان جل الصبار يستخدم تقليديا لتساقط الشعر، وزُعم أنه يحسن نمو الشعر بعد داء الثعلبة لأنه يحتوي بالألوينين الذي يعزز نمو الشعر دون تهيج لفروة الرأس.
4- الجينسنغ:
ثبت أن مستخلص الجينسنغ – خاصة الجينسينغ الأحمر- يعزز نمو الشعر في العديد من الدراسات، لأنه يحتوي على العديد من المكونات التى تحفز الخلايا الجلدية مثل الجينسنوسيدات.
ثالثا: استعادة الشعر عن طريق البلازما الغنية بالصفائح الدموية:
تعتبر البلازما علاجا ثوريا وفعالا وآمنا في حالات تساقط الشعر الوراثي بحالاتها المختلفة – خاصة المتقدمة التى لا يناسبها العلاجات الدوائية والطبيعية – حيث تزداد خصلات الشعر سمكا وتتضاعف عدد بصيلات الشعر بعد حقن فروة الرأس بالعلاج بشكل كبير.
تساقط الشعر الوراثي أو الثعلبة الأندروجينية حالة منتشرة بشكل كبير وتعتبر الأكثر شيوعا حول العالم، وقد لا يستطيع الشخص تجنبها لأسبابها الوراثية، ولكن يمكن المساعدة على إبطاء الحالة أو إيقاف التساقط عن طريق العلاجات الطبيعية أو الدوائية أو البلازما حسب شدة الحالة ووصف الطبيب.