يظن الكثيرين أن وظيفة الشعر فقط تجميلية ترتبط بالمظهر الخارجي! لكن وظائفه أكثر بكثير. لكي نفهم مدى أهمية هذا العنصر، يجب أن نعرف ما هي مكونات الشعر الطبيعي.
من الجيد الإشارة في بداية هذا المقال، أن للشعر مجموعة متنوعة من الوظائف البيولوجية، مثل:
- الحماية من الأشعة فوق البنفسجية.
- الحماية من الحشرات.
- يعمل كأداة حسية وقناة لإفراز الزيوت الدهنية.
يعتبر الشعر مهما أيضًا للعزل والدفء من حيث التنظيم الحراري وقد ثبت أنه يؤوي مجموعات الخلايا الجذعية والخلايا المناعية، والتي تعتبر مهمة لتجديد الجلد و المناعة الفطرية.
بداية، متى يتكون الشعر لدى الإنسان؟
تتكون بصيلات الشعر عند الإنسان – حسب الدراسات – في الأسبوع الثاني والعشرين من عمره كجنين، حيث توجد في هذه المرحلة من الحياة خمسة ملايين بصيلة شعر في الجسم، منها ما مجموعه من مئة ألف إلى مليون بصيلة داخل فروة الرأس، ولأننا لا ننتج بصيلات شعر جديدة، فإننا نلاحظ أن كثافة الشعر أصبحت أقل كلما تقدم العمر.
تصنيف شعر الإنسان:
يُصنف شعر الإنسان عادةً وفقًا لثلاث مجموعات فرعية عرقية بشرية تقليدية، أي:
- الأفريقي.
- الآسيوي.
- الأوروبي.
مع ذلك من الممكن تصنيف أنواع الشعر المختلفة الموجودة في جميع أنحاء العالم إلى ثمانية أنواع رئيسية من الشعر، من خلال قياس ثلاثة معايير يمكن الوصول إليها بسهولة: قطر المنحنى مؤشر الضفيرة وعدد الموجات.
تحتوي فروة رأس الإنسان في الغالب على ما يقرب من 100000 شعرة تنبع من بصيلات الشعر لذا يعتبر من أسرع الأنسجة نموًا في الجسم، وعادةً ما يكون لدى القوقازيين ذوي الشعر الأشقر كثافة شعر أعلى من القوقازيين ذوي الشعر الداكن، والذين بدورهم يتمتعون بكثافة شعر أعلى من القوقازيين ذوي الشعر الأحمر والأفارقة والآسيويين.
ما هي مكونات الشعر الطبيعي؟
يعتبر الشعر الطبيعي عند البشر جزء مشتق من فروة الرأس وهو أكثر تعقيدا مما يبدو عليه من الخارج، حيث يحتوي – تشريحيا- على بنيتين منفصلتين أساسيتين هما البصيلات داخل فروة الرأس، وجذع الشعرة وهي التي تظهر على سطح الجسم.
خارج الجلد يوجد جذع الشعر وهو عبارة عن أنابيب رقيقة ومرنة من الخلايا الظهارية الميتة المتقرنة بالكامل – لذا لا نشعر بالألم عند قص الشعر-، بينما داخل الجلد، يتكون الجزء من بصيلات الشعر الحية الفردية، والنمو الأسطواني الظهاري في الأدمة، والدهون تحت الجلد، والتي تتوسع في القاعدة في الشعر، ويختلف الشعر في الطول والقطر واللون والتركيبة حسب المجموعات العرقية المختلفة وبين الأفراد.
أولا: جذع الشعر The hair shaft:
أول مكونات الشعر الطبيعي هو الجذع وهو الجزء المرئي الخارجي من الشعر – خصل الشعر-، و يتكون بشكل أساسي من بروتين الكيراتين (90%) وكمية صغيرة من الدهون (1-9%)، ويتراوح قطر ألياف الشعر بين 40 و150 ميكرومتر.
ينقسم الجذع لثلاث أقسام:
قشرة cortex وخلايا بشرة Cuticle والنخاع Medulla أي المنطقة الوسطى (اللب هو الجزء المركزي من الشعر).
القشرة Cortex:
وهي التي تمثل غالبية تكوين ألياف الشعر وتلعب دورًا مهمًا في الخصائص الفيزيائية والميكانيكية للشعر وهي الجزء المحيطي وتتكون من حوالي 50-60 ٪ من الألياف الكبيرة، والتي تتكون بدورها من الألياف الدقيقة المدمجة في صفوف، تغطي جذع الشعرة من الجذر إلى طرف البشرة وتتكون من خلايا متداخلة مسطحة.
خلية البشرة Cuticle:
ويبلغ سمك كل واحدة من هذه الخلايا بشكل عام من 0.3 إلى 0.5 ميكرومتر تقريبا، ويبلغ طولها المرئي حوالي 50 ميكرومتر ويتألف من العديد من الهياكل الفرعية مثل اللقيمة، والطبقة A، والجُبيبة الخارجية، والجُبيبة الداخلية، والطبقة الداخلية ومجمع غشاء الخلية.
تتميز طبقة البشرة الدهنية بدور هام لحماية فروة الرأس من المواد الكيميائية التى توضع على الرأس، وكذلك للحفاظ على الشعر في حالة نظيفة، وتحميه من التشابك، وبذلك يكون لها تأثير كبير على مظهره.
تعتبر هذه الغدد الدهنية في البشرة حيوية للغاية، لأنها تعمل على إنتاج الزهم sebum الذي يرطب الشعر، بعد البلوغ يزيد إنتاج الزهم أكثر، ولكن مع التقدم في العمر تقل مرة أخرى، ويجد بالذكر أن إنتاج الدهون في النساء يكون أقل منه عند الرجال.
اللب medulla:
يتكون هذا الجزء من مكونات الشعر الطبيعي من خلايا متخصصة تحتوي على فراغات هوائية ومواد مادة غير متبلورة وناعمة ودهنية وأيضا بروتينات هيكلية تختلف بشكل ملحوظ عن كيراتينات الشعر الأخرى والحبيبات الحمضية التي تمتلئ بحمض أميني، سيترولين وتشكل في النهاية طلاءات داخلية داخل أغشية الخلايا الناضجة، وهو مكون متغير حسب نوع الشعر، غالبًا ما يكون اللب مكسورًا أو مفقودًا من جذع الشعرة في الشعر الناعم.
ثانيا: البصيلة (جذر الشعر) The follicle:
العنصر الثاني من مكونات الشعر الطبيعي هي البصيلة وتعتبر البنية الأساسية لنمو الشعر ومزروعة داخل الجلد.
بصيلات الشعر هي عبارة عن جزء يشبه النفق من البشرة يمتد إلى أسفل إلى الأدمة، ويحتوي الهيكل على عدة طبقات لها وظائف منفصلة، في قاعدة الجريب توجد الحليمة، التي تحتوي على الشعيرات الدموية أو الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي الخلايا.
تتصل بصيلة الشعر بعضلة صغيرة arrector pili يمكنها أن تجعل الشعر يقف. العديد من الأعصاب تنتهي عند بصيلات الشعر أيضًا. تستشعر هذه الأعصاب حركة الشعر وهي حساسة حتى لأدنى إحساس.
الجزء الحي من الشعر هو الجزء السفلي المحيط بالحليمة، ويسمى البصلة، وهي الجزء من البصيلة الذي ينتج الشعر بشكل فعال، حيث تنقسم خلايا البصلة كل 23 إلى 72 ساعة، وتتكون أسرع بشكل ملحوظ من أي خلية أخرى في الجسم.
تتكون الهياكل النسيجية من:
غمد الجذر الخارجي (ORS):
يعتبر خزان للخلايا الجذعية متعددة القدرات أي أنه يحتوي على الخلايا الجذعية و الكيراتينية والخلايا الصبغية.
غمد الجذر الداخلي (IRS) ويتكون من ثلاث طبقات:
- طبقة هنلى Henle وهي طبقة من خلايا متنوعة تأخذ شكل صدفي أو مكعب.
- طبقة هكسلي Huxley: وهي طبقة من الطبقة الداخلية لبصيلة الشعر تتكون من طبقة أو طبقتين من الخلايا الظهارية المسطحة ذات النوى وتقع بين طبقة هينلي والبشرة المجاورة للشعر.
- وطبقة البشرة irs: تلصق طبقة بشرة IRS بجذع الشعرة، مما يثبت جذع الشعرة في الجريب. تنتج خلايا IRS مكونين هما:
1- الكيراتين: وهي تعتبر من مكونات الشعر الطبيعي الأساسية، فهي بروتينات صلبة تحدد بنية الشعر وشكله (مفرود أم مجعد).
2- الهايلين الشعري tricho hyaline: (وهو بروتين هيكلي مشفر هام للشعر والبشرة) التي تعمل بمثابة “أسمنت” داخل الخلايا مما يمنح القوة لـ IRS لدعم وتشكيل جذع الشعر الذي ينمو فضلاً عن توجيه حركته الصاعدة.
دورة نمو الشعر:
تنمو بصيلات الشعر في دورات متكررة، حيث تتناوب مراحل النمو السريع وتكوين جذع الشعر مع مراحل انحدار بصيلات الشعر الناتج عن موت الخلايا المبرمج وهدوء بصيلات الشعر النسبي، ويتم تنسيق مدة دورات النمو بواسطة العديد من الهرمونات والسيتوكينات ولا تعتمد فقط على مكان نمو الشعر ولكن أيضًا على بعض العوامل الأخرى، مثل عمر الفرد ومرحلة من النمو أو العادات الغذائية أو التغيرات البيئية مثل طول اليوم.
ويمكن تقسيم دورة نمو مكونات الشعر الطبيعي – كما ذكرت الدراسة – إلى ثلاث مراحل أساسية:
أولا: طور النمو أو مرحلة النمو anagen or growth phase:
وهي المرحلة النشطة، ينمو فيها الشعر حوالي سنتيمتر واحد كل ثماني وعشرون يوما، وتستمر مرحلة النمو هذه عادة من سنتين إلى ثلاث سنوات، ولكن في بعض الأفراد، قد تستمر لمدة تصل إلى سبع سنوات.
يتم تحديد طول هذه الفترة وراثيا بشكل يتناسب مع طول الشعر الناتج، لذلك يمكن لبعض الأفراد الذين لديهم مراحل طور التنامي الأطول بشكل طبيعي أن ينمو شعرهم لفترة طويلة جدًا، في حين أن الذين لديهم مراحل طور النمو أقصر قد لا يتمكنون من نمو شعرهم بعد طول معين.
ثانيا: مرحلة التراجع أو المرحلة الانتقالية catagen or transitional phase:
وهي فترة انتقالية قصيرة تستمر عادة ما بين أسبوعين و ثلاث أسابيع بغض النظر عن نوع الشعر أو حجم البصيلة، كما تتميز هذه المرحلة بتغيير كبير في مكونات الشعر الطبيعي (تحديدا بنية البصيلة)، وفيها يتوقف إنتاج الميلانين في بصلة الشعر، و يحدث استماتة في الخلايا الكيراتينية الجريبية والخلايا الصباغية.
ثالثا: طور التيلوجين أو مرحلة الراحة telogen or resting phase:
وهي مرحلة السكون، ويحدث التيلوجين عندما تتحول خصل الشعر إلى شعيرات مضلعة يتم تساقطه في النهاية من الجريب. تستمر هذه المرحلة عادة من شهرين إلى ثلاثة أشهر. خلال هذا الوقت، تقترن ألياف المضرب الموجودة في قاعدة جذع الشعرة الكيراتينية تدريجيًا حتى تشغل تقريبًا العرض الكامل لبصيلة الشعر.
تفقد فروة رأس الإنسان من 50 إلى 150 شعرة نهائية تقريبا بشكل طبيعي، مع تباين كبير بين الأفراد.
المواد الأساسية داخل مكونات الشعر الطبيعي الهامة والمؤثرة فيه:
مادة الكيراتين keratin:
تتمثل الوظيفة الرئيسية لبشرة الكيراتين في حماية قشرة الشعر من التلف الناتج عن عدة عوامل، بما في ذلك الحرارة والمواد الكيميائية.
الكيراتين -كما ذكرنا- هو بروتين ليفي يأخذ الشكل اللولبي، وغير قابل للذوبان، وتتغير بنية الشعر الكيميائية – بما في ذلك نسبة الكيرياتين – لأسباب كثيرة، مثل الشيخوخة التى تتسبب فى شيب الشعر، والتلوث، وأشعة الشمس.
هناك أيضا بعض الممارسات التي قد تضعف الشعر وتؤثر عليه، مثل كثرة التمشيط بالفرشاة، أو استخدام المواد الكيميائية (صبغ الشعر أو مواد الفرد).
صبغة الميلانين Melanin:
هو صبغة سوداء يتم تصنيعها بطريقة غير إنزيمية أو إنزيمية داخل الخلايا الصباغية في الشعر والجلد والعين، وهو مشتق من مادة تسمى التيروزين
تلك التي تعطي الألوان الداكنة أي الأسود والبني، والفاتحة، كالأصفر والأحمر.
يحتوي معظم الميلانين الطبيعي بما في ذلك الميلانين في الشعر على كمية معينة من الكبريت حسب لون الشعر- تبعا للأعراق -.
تحدث الكثير من التغيرات في مكونات الشعر الطبيعي تتسبب في تعديل لونه، فبعض الأطفال مثلا – حسب دراسة أجريت في جامعة نابولي إيطاليا- يولدون بشعر فاتح ثم يصبح أغمق بشكل تدريجي مع التقدم في العمر، كما أن الضعف في صبغة الميلانين يتسبب في ظاهرة شيب الشعر وتحوله إلى اللون الرمادي أو الأبيض، و تحدث ظاهرة شيب الشعر مع أكثرية البشر بشكل متفاوت حسب العوامل الوراثية ولكن غالبا تحدث في العقد الرابع من العمر.
الشعر داخليا أكثر تعقيدا مما يبدو عليه من الخارج، وذلك لأن مكونات الشعر الطبيعي وبنيته لها تأثير هام وأساسي في شكله وطوله ولونه وأيضا كثافته، سواء حسب العوامل الوراثية، أو العوامل الخارجية التي تؤثر على الشعر تأثيرا مباشرا.
مصادر إضافية تم الاستعانة بها:
- Ken Hashimoto MD, 1988, The structure of human hair
- أنجيلا ليمان، بيولوجيا الشعر البشري
- Dmitri Wall, Nekma Meah, Nicole Fagan, Katherine York, and Rodney Sinclair, 2022, Advances in hair growth
- Ralf Paus, M.D., and George Cotsarelis, M.D, 1999, The Biology of Hair Follicles
- Institute for Quality and Efficiency in Health Care, 2019, What is the structure of hair and how does it grow?
- 2013, Feather keratin hydrolysates obtained from microbial keratinases: effect on hair fiber
- americanhairloss, Hair Science
- Barbara Buffoli PhD, Fabio Rinaldi MD, Mauro Labanca MD, Elisabetta Sorbellini MD, Anna Trink MD, Elena Guanziroli MD, Rita Rezzani PhD, Luigi F. Rodella MD, 2013, The human hair: from anatomy to physiology
- David Weedon AO MD FRCPA FCAP(HON), in Weedon’s Skin Pathology (Third Edition), 2010, Diseases of cutaneous appendages
- Joe K. Tung & Mariko R. Yasuda, 2020, Anatomy and Physiology of the Hair Cycle