تفرز الغدد الدهنية في فروة رأس الإنسان بصورة طبيعية مادة الزهم (sebum). هذه المادة تعتبر هامة لترطيب فروة الرأس وتساعد كذلك على لمعان الشعر، لكن عندما تزيد هذه الإفرازات بشكل غير طبيعي سنلاحظ دون أدنى شك ارتباطا وثيقا بين الشعر الدهني وتساقط الشعر!
أبرز نتائج الإفرازات الدهنية في الشعر:
- التهاب الجلد الدهني Seborrheic dermatitis.
- ظهور قشرة الرأس Dandruff.
- الشعور بعدم الراحة بسبب الحكة المزعجة.
- التأثير على المظهر العام والحالة النفسية بسبب نظرة المجتمع.
ما هي الأسباب التي تربط بين الشعر الدهني وتساقط الشعر؟
تتسبب الكثير من العوامل في زيادة الإفرازات الدهنية داخل فروة الرأس، إلا أننا يمكن تقسيمها لنوعين رئيسيين:
العوامل الخارجية
(وهي الأسباب التي تؤدي للشعر الدهني من خارج الجسم):
أولاً: تلوث البيئة
أجريت دراسة عام 2015 وأثبتت أن هناك علاقة ما بين زيادة إفراز الغدد الدهنية الزهم في فروة الرأس وبين التلوث البيئي، وبالتالي قشرة الشعر، وتزيد نسبة حدوث هذه الإفرازات الدهنية بسبب البيئة عند سكان المدن أكثر من سكان الريف.
ثانياً: ظروف الطقس المختلفة
تؤثر ظروف الطقس وتغيراته على الغدد الدهنية، حيث أثبتت الدراسات أن فصل الشتاء تزيد فيه كميات الدهون داخل فروة الرأس، لأن الجو البارد يؤثر على عمل الغدد الدهنية ويزيد من إنتاج زيوت الشعر الطبيعية والزهم.
العوامل الداخلية
(وهي تغيرات تحدث داخل الجسم):
أولاً: الخلل الهرموني:
يلعب الخلل الهرموني خاصة لدى السيدات خلال فترات الدورة الشهرية أو أثناء الحمل والولادة، وأيضا في سن انقطاع الطمث دورا هاما في زيادة إفراز الزهم داخل الجسم، وتحديدا في فروة الرأس، الأمر الذي يؤدي في الكثير من الحالات إلى تحول الشعر إلى النوع الدهني، وقد نشرت دراسة عام 2004 أثبت فيها الباحثون أن إفراز الدهون يكون عند أغلب النساء في منتصف الدورة.
ثانيا: سمك خصلات الشعر:
يؤثر سمك الشعر على كمية الدهون فيه، فالشعر المجعد السميك أقل عرضة لفروة الرأس الدهنية من الشعر الخفيف الناعم، وذلك كما أثبت الباحثين فى جامعة جون هوبكنز في التقرير الذي نُشر في عام 2018.
ثالثا: الوراثة والأعراق:
تؤثر الجينات والنوع العرقي على الكثير من الأمور داخل أجسامنا، من ضمن هذه الأمور كميات الدهون التى تفرزها غدد فروة الرأس الدهنية، تؤكد الدراسات أن هناك علاقة كبيرة بين كميات الدهون في الرأس والأعراق المختلفة، فعلى سبيل المثال:
تم العثور على كمية أعلى من الدهون بعد يومين إلى ثلاثة أيام بعد غسل الشعر بالشامبو في العرق الأمريكي من أصل أفريقي، متبوعًا بترتيب تنازلي من قبل الأمريكيين القوقازيين واليابانيين والصينيين والتايلنديين والأوروبيين القوقازيين وصولا إلى الهنود.
رابعاً: النوع حسب الجنس:
أجريت دراسة سويدية عام 2009 وأثبتت أن للنوع حسب الجنس دورا في كميات تكوين الزهم داخل بصيلات الشعر، فالدهون تتكون في فروة الرأس في الإناث أقل من الدهون في رأس الذكور خاصة في مرحلة البلوغ وما بعدها.
خامسا: مرحلة البلوغ:
من أهم المراحل التي تمر على الإنسان هي مرحلة البلوغ، ففيها تحدث الكثير من التغيرات الفسيولوجية داخل الجسم، ومن هذه التغيرات تأثير الهرمونات على فروة الرأس، وبحسب دراسة أجريت من قبل فإن التغير في مستوى هرمون التيستيرون المرتبط بالبلوغ يؤدي إلى زيادة إنتاج الغدد الدهنية للزهم في فروة الرأس مما يؤدي لظهور الشعر بالمظهر الدهني المزعج – جدير بالذكر أنه ومع التقدم بالعمر تقل كميات الدهون بشكل تدريجي-.
لكي نفهم كيف العلاقة بين الشعر الدهني وتساقط الشعر، يجب أن نعرف أولا كيف يحدث هذا التساقط؟
يحدث تساقط الشعر (التدريجي أو الحاد المفاجئ) بسبب خلل في دورة نمو الشعر المعتادة داخل الجسم، والتي تتكون من ثلاث مراحل:
الأولى: مرحلة النمو (Anagen):
مرحلة النمو وحوالي 85٪ من جميع الشعيرات في طور النمو، ويتكون الميلانين في بصلة الشعر طوال هذه المرحلة.
الثانية: مرحلة التراجع (Catagen):
هي المرحلة الانتقالية ويتوقف الشعر عن النمو وينفصل عن فروة الرأس. تبدأ بصيلة الشعر في الانهيار، مما يؤدي إلى قصر بصيلات الشعر. في المتوسط، تكون 1٪ من البصيلات في مرحلة التراجع.
الثالثة: مرحلة الراحة (Telogen):
وهذه هي المرحلة الأخيرة وخلال هذه المرحلة لا ينمو الشعر بل يبقى متصلاً بالبصيلة، ما يقرب من 10-15 ٪ من كل الشعر في هذه المرحلة في أي وقت.
في نهاية مرحلة الراحة التيلوجين، تعود بصيلات الشعر إلى مرحلة النمو Anagen مرة أخرى ويبدأ شعر جديد في التكون.
لأن هناك فترة حياة محددة للشعرة، تفقد فروة الرأس بصورة طبيعية من خمسين إلى مائة شعرة يوميا – حسب موقع مايو كلينيك- ولكن قد لا يلاحظ هذا التساقط الطبيعي لأن الشعر الجديد ينمو مرة أخرى مباشرة بعد سقوط الشعر القديم المتساقط.
يبرز تساقط الشعر في إحدى الحالتين:
الأولى: حدوث اضطرابات في دورة النمو الشعر، حيث تؤدي هذه التغيرات والاضطرابات إلى الانتقال المبكر والمفاجئ للبصيلات من طور النمو anagen إلى مرحلة الراحة التيلوجين telogen، مما يؤدي لملاحظة فقدان الشعر بعد شهرين إلى أربعة أشهر.
الحالة الثانية: حدوث فقدان للشعر أثناء طور النمو بسبب تضرر البصيلات من بعض أنواع الأدوية أو العلاج الكيميائي أو الإشعاعي، أو التغذية أو تغيرات في الأوعية الدموية والالتهابات أو اضطرابات الغدد الصماء.
ما هي أسباب تساقط الشعر؟
تتعدد الأسباب المؤدية إلى تساقط الشعر، حسب الأكاديمية الأمريكية لطب الجلد، فهناك أسباب بشكل وراثي – تؤدي إلى تساقط الشعر الوراثي- إلى جانب أسباب مختلفة غير وراثية تؤدي لأنواع أخرى من التساقط مثل تساقط الشعر الكربي Telogen Effluvium.
من هذه الأسباب:
- التقدم فى السن.
- علاج السرطان ( الكيميائي والإشعاعي).
- داء الثعلبة alopecia.
- شد الشعر بصورة زائدة.
- نقص المعادن والفيتامينات.
- صدفية فروة الرأس.
- التغيرات في مستوى الهرمونات.
- الإجهاد والتوتر.
- في بعض الأحيان دهنية الشعر.
يوصى بزيارة طبيب الجلدية لتحديد أسباب تساقط الشعر ودهنيته بصورة دقيقة.
ما العلاقة بين الشعر الدهني وتساقط الشعر؟
يحدث أحيانا زيادة في إفرازات الغدد الدهنية في فروة الرأس، الأمر الذي يزيد إنتاج الزهم و يغطي الرأس ويسد المسام كما ذكرت الدراسات، لكي يؤثر ذلك على وصول المغذيات والأكسجين إلى البصيلات، وبالتالي يحدث خللا في دورة نمو الشعر وتساقطه، الزهم الذي كما سبق وذكرنا أنه يزيد في فروة الرأس بعد خاصة بعد مرحلة البلوغ.
تؤدي زيادة الزهم أحيانا إلى ظهور قشرة الشعر التى تتواجد بشكل كبير في الشعر الدهني، هذا لا يعني -حسب الدراسات- أن قشرة الشعر تظهر في كل حالات الشعر الدهني.
وحسب دراسة كورية أجريت على نساء ورجال يعانون من تساقط الشعر وجدت أن 80٪ من الرجال لديهم شعر دهني، أما بالنسبة للنساء، فإن 39.3٪ منهن لديهن فروة رأس دهنية.
قد يصاحب قشرة الرأس الناتجة عن زيادة الزهم تساقط الشعر الكربي telogen effluvium، و قد يتسبب أيضا في تفاقم حالات التساقط alopecia.
تحتوي فروة الرأس السليمة (التي لا تحتوي على الزهم وقشرة الرأس) يتساقط فيها الشعر من 50 إلى 100 شعرة، أما فروة الرأس الدهنية التي تعاني من وجود الزهم وقشرة الرأس التساقط فيها يكون من مئة إلى ثلاثمئة شعرة تقريبا وذلك حسب دراسة بلجيكية نشرت فى المجلة الدولية لعلوم التجميل عام 2006.
رغم ذلك، فإن دراسات جامعة هوبكنز لا تعد قشرة الرأس او الشعر الدهني سببا من أسباب الثعلبة!
لذا نستطيع القول أن البيانات والدراسات متضاربة في هذه المسألة، ولكن أغلب الدراسات -كما تمت الإشارة – تتجه إلى أن هناك علاقة تربط بين الشعر الدهني وتساقط الشعر.
كيف أحمى الشعر الدهني من تساقط الشعر؟
يستطيع أصحاب الشعر الدهني حماية خصلات شعرهم من التساقط عن طريق معرفة كيفية العناية الصحيحة بها، وذلك عن طريق خطوات بسيطة تقلل من إنتاج فروة الرأس للزهم الذي يتسبب في سد المسام وبالتالي يؤدي إلى ترقق الشعر وتساقطه في النهاية!
من بين هذه الخطوات:
1- غسل الشعر مرة يوميا أو ثلاث مرات أسبوعيا حسب إنتاج فروة الرأس للزهم.
2- استخدام أنواع شامبو مناسبة للشعر الدهني، مع التركيز على تنظيف فروة الرأس وليس خصلات الشعر فقط، مع التأكد من إزالة الشامبو بشكل جيد حتى لا يتراكم ويزيد المشكلة.
تحتاج بعض حالات الشعر الدهني المتقدمة شامبو طبى بخاصية مضادة للفطريات، أو كورتيزون موضعي أو رغوة طبية أو كريمات أو محلول خاص بامتصاص الدهون من فروة الرأس والتخلص منها – يجب استشارة الطبيب قبل وضع هذه الأنواع من المنتجات-.
3- تنظيف فرشاة الشعر أو المشط بصورة دورية، لأن تراكم الدهون فيهما قد ينقلها مرة أخرى على الشعر، وهو أمر قد لا تغرب في حدوثه.
4- استخدام العلاجات الطبيعية للحد من إنتاج الزيوت بشكل زائد، مثل:
تونيك الشاي الأخضر: ينظف تونيك الشعر المحتوي على الشاي الأخضر فروة الرأس بصورة طبيعية، مما يؤدي لعدم الشعور بالحكة أو التهاب الجلد.
الأفوكادو: بالذات زيت الأفوكادو لأنه قادر على تقليل إفراز الدهون وله خاصية مضادة للقشرة.
خل التفاح: يحتوي خل التفاح على خواص مطهرة لفروة الرأس وهو من العلاجات التي كانت تستخدم قديما لعلاج قشرة الرأس والفروة الدهنية، لذا فاستخدامه مخففا مرة في الأسبوع سيكون خيارا رائعا وغير مكلف للحد من إنتاج الزهم الزائد.
5- الابتعاد عن المنتجات ذات الدهنية العالية أو الثقيلة على الشعر، مثل البلسم أو المنتجات التى تترك على الشعر leave-in، أو الزيوت الطبيعية الثقيلة التي تستخدم على الفروة مباشرة.
6- النظام الغذائي الصحي: يؤثر النظام الغذائي على صحتنا بشكل عام، وعلى صحة الشعر كذلك بشكل خاص. لذا فإنه من المهم إدخال عناصر غذائية مليئة بالمعادن والفيتامينات النافعة للشعر مثل الحديد والزنك وفيتامينات هـ وجـ ود و ب المركب والبيوتين، والابتعاد عن الأطعمة المليئة بالدهون لتجنب زيادة إفراز الدهون.
تعتبر مشكلتي الشعر الدهني وتساقط الشعر من أكثر المشاكل التي تؤثر على الأشخاص حول العالم، لذا فإن العناية الصحيحة والتغذية بشكل صحي يساعدان على التخلص من المشكلتين بشكل تدريجي!
إلى جانب النصائح أو الاقتراحات أعلاه، لا بد من استشارة طبيب الأمراض الجلدية لمعرفة جذر المشكل وحله، فرغم أن بعض الأسباب تكون نابعة من تدخلاتنا الشخصية (المنتجات التي نستخدمها للعناية بالشعر مثلا)، إلا أن بعضها قد يكون ناتج عن مرض صحي داخلي لايمكن اكتشافه إلا بعد الكشف لدى المختصين!
الاهتمام الداخلي والخارجي مهمين معا للحصول على شعر صحي وفروة صحية متوازنة!
المصادر:
- Aditya K Gupta 1, Robyn Bluhm, Elizabeth A Cooper, Richard C Summerbell, Roma Batra, 2003, Seborrheic dermatitis
- Rajput, Hair Ther Transplant 2015
- EP-2181702-A1 / 2010-05-05, Use of a bifidobacterium lysate for treating greasy hair
- M Pattie Birch, Andrew, ‘Bad hair days’, scalp sebum excretion and the menstrual cycle, 2004
- Safe Hair Care Spares Hair, Johns Hopkins Dermatologists Report, 2016
- Graham Andrew Turner, 2011, Gender differences in scalp health
- Longitudinal Changes in Circulating Testosterone Levels Determined by LC-MS/MS and by a Commercially Available Radioimmunoassay in Healthy Girls and Boys during the Pubertal Transition, 2014
- IEEE Access, 2020, ScalpEye: A Deep Learning-Based Scalp Hair Inspection and Diagnosis System for Scalp Health
- C. Piérard-Franchimont, E. Xhauflaire-Uhoda, G. E. Piérard, 2006, Revisiting dandruff
- Lee, Ji-Suk, 2007, A survey of the status of hair loss product use, hair loss treatment and satisfaction level
- hopkinsmedicine, Baldness (Alopecia)