Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الرعد - الآية 35

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا ۖ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ (35) (الرعد) mp3
أَيْ صِفَتهَا وَنَعْتهَا " تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار " أَيْ سَارِحَة فِي أَرْجَائِهَا وَجَوَانِبهَا وَحَيْثُ شَاءَ أَهْلهَا يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا أَيْ يُصَرِّفُونَهَا كَيْفَ شَاءُوا وَأَيْنَ شَاءُوا كَقَوْلِهِ " مَثَل الْجَنَّة الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَار مِنْ مَاء غَيْر آسِن وَأَنْهَار مِنْ لَبَن لَمْ يَتَغَيَّر طَعْمه وَأَنْهَار مِنْ خَمْر لَذَّة لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَار مِنْ عَسَل مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلّ الثَّمَرَات وَمَغْفِرَة " الْآيَة وَقَوْله " أُكُلهَا دَائِم وَظِلّهَا " أَيْ فِيهَا الْفَوَاكِه وَالْمَطَاعِم وَالْمَشَارِب لَا اِنْقِطَاع وَلَا فَنَاء وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث اِبْن عَبَّاس فِي صَلَاة الْكُسُوف وَفِيهِ قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه رَأَيْنَاك تَنَاوَلْت شَيْئًا فِي مَقَامك هَذَا ثُمَّ رَأَيْنَاك تَكَعْكَعْت فَقَالَ " إِنِّي رَأَيْت الْجَنَّة - أَوْ أُرِيت الْجَنَّة - فَتَنَاوَلْت مِنْهَا عُنْقُودًا وَلَوْ أَخَذْته لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا " وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا أَبُو خَيْمَة حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه حَدَّثَنَا أَبُو عُقَيْل عَنْ جَابِر قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ فِي صَلَاة الظُّهْر إِذْ تَقَدَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقَدَّمْنَا ثُمَّ تَنَاوَلَ شَيْئًا لِيَأْخُذهُ ثُمَّ تَأَخَّرَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاة قَالَ لَهُ أُبَيّ بْن كَعْب يَا رَسُول اللَّه صَنَعْت الْيَوْم فِي الصَّلَاة شَيْئًا مَا رَأَيْنَاك كُنْت تَصْنَعهُ فَقَالَ " إِنِّي عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّة وَمَا فِيهَا مِنْ الزَّهْرَة وَالنَّضْرَة فَتَنَاوَلْت مِنْهَا قِطْفًا مِنْ عِنَب لِآتِيَكُمْ بِهِ فَحِيلَ بَيْنِي وَبَيْنه وَلَوْ أَتَيْتُكُمْ بِهِ لَأَكَلَ مِنْهُ مَنْ بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض لَا يُنْقِصُونَهُ " وَرَوَى مُسْلِم مِنْ حَدِيث أَبِي الزُّبَيْر عَنْ جَابِر شَاهِدًا لِبَعْضِهِ وَعَنْ عُتْبَة بْن عَبْد السُّلَمِيّ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْجَنَّة فَقَالَ فِيهَا عِنَب ؟ قَالَ " نَعَمْ " قَالَ فَمَا عِظَم الْعُنْقُود ؟ قَالَ " مَسِيرَة شَهْر لِلْغُرَابِ الْأَبْقَع وَلَا يَفْتُر " رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ : حَدَّثَنَا مُعَاذ بْن الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ حَدَّثَنَا رَيْحَان بْن سَعِيد عَنْ عُبَادَة بْن مَنْصُور عَنْ أَيُّوب عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي أَسْمَاء عَنْ ثَوْبَان قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ الرَّجُل إِذَا نَزَعَ ثَمَرَة مِنْ الْجَنَّة عَادَتْ مَكَانهَا أُخْرَى " وَعَنْ جَابِر بْن عَبْد اللَّه قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَأْكُل أَهْل الْجَنَّة وَيَشْرَبُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَبُولُونَ طَعَامهمْ ذَلِكَ جُشَاء كَرِيحِ الْمِسْك وَيُلْهَمُونَ التَّسْبِيح وَالتَّقْدِيس كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَس " رَوَاهُ مُسْلِم وَرَوَى الْإِمَام أَحْمَد وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث الْأَعْمَش عَنْ تَمَّام بْن عُقْبَة سَمِعْت زَيْد بْن أَرْقَم قَالَ : جَاءَ رَجُل مِنْ أَهْل الْكِتَاب فَقَالَ : يَا أَبَا الْقَاسِم تَزْعُم أَنَّ أَهْل الْجَنَّة يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ ؟ قَالَ " نَعَمْ وَاَلَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ إِنَّ الرَّجُل مِنْهُمْ لِيُعْطَى قُوَّة مِائَة رَجُل فِي الْأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع وَالشَّهْوَة " قَالَ إِنَّ الَّذِي يَأْكُل وَيَشْرَب تَكُون لَهُ الْحَاجَة وَلَيْسَ فِي الْجَنَّة أَذًى قَالَ " تَكُون حَاجَة أَحَدهمْ رَشْحًا يَفِيض مِنْ جُلُودهمْ كَرِيحِ الْمِسْك فَيُضْمَر بَطْنه " رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَالنَّسَائِيّ وَقَالَ الْحَسَن بْن عَرَفَة : حَدَّثَنَا خَلَف بْن خَلِيفَة عَنْ حُمَيْد بْن الْأَعْرَج عَنْ عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّك لَتَنْظُر إِلَى الطَّيْر فِي الْجَنَّة فَيَخِرّ بَيْن يَدَيْك مَشْوِيًّا" وَجَاءَ فِي بَعْض الْأَحَادِيث أَنَّهُ إِذَا فَرَغَ مِنْهُ عَادَ طَائِرًا كَمَا كَانَ بِإِذْنِ اللَّه تَعَالَى وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَفَاكِهَة كَثِيرَة لَا مَقْطُوعَة وَلَا مَمْنُوعَة " وَقَالَ" وَدَانِيَة عَلَيْهِمْ ظِلَالهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفهَا تَذْلِيلًا" وَكَذَلِكَ ظِلّهَا لَا يَزُول وَلَا يُقَلَّص كَمَا قَالَ تَعَالَى" وَاَلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاج مُطَهَّرَة وَنُدْخِلهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا " وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ غَيْر وَجْه أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ فِي الْجَنَّة شَجَرَة يَسِير الرَّاكِب الْمُجِدّ الْجَوَاد الْمُضَمَّر السَّرِيع فِي ظِلّهَا مِائَة عَام لَا يَقْطَعهَا " ثُمَّ قَرَأَ " وَظِلّ مَمْدُود " وَكَثِيرًا مَا يَقْرِن اللَّه تَعَالَى بَيْن صِفَة الْجَنَّة وَصِفَة النَّار لِيُرَغِّب فِي الْجَنَّة وَيُحَذِّر مِنْ النَّار وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ صِفَة الْجَنَّة بِمَا ذَكَرَ قَالَ بَعْده " تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اِتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّار " كَمَا قَالَ تَعَالَى " لَا يَسْتَوِي أَصْحَاب النَّار وَأَصْحَاب الْجَنَّة أَصْحَاب الْجَنَّة هُمْ الْفَائِزُونَ " وَقَالَ بِلَال بْن سَعْد خَطِيب دِمَشْق فِي بَعْض خُطَبه : عِبَاد اللَّه هَلْ جَاءَكُمْ مُخْبِر يُخْبِركُمْ أَنَّ شَيْئًا مِنْ عِبَادَتكُمْ تُقُبِّلَتْ مِنْكُمْ أَوْ أَنَّ شَيْئًا مِنْ خَطَاكُمْ غُفِرَتْ لَكُمْ ؟ " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ " وَاَللَّه لَوْ عُجِّلَ لَكُمْ الثَّوَاب فِي الدُّنْيَا لَاسْتَقْلَلْتُمْ كُلّكُمْ مَا اِفْتُرِضَ عَلَيْكُمْ أَوْ تَرْغَبُونَ فِي طَاعَة اللَّه لِتَعْجِيلِ دُنْيَاكُمْ وَلَا تُنَافَسُونَ فِي جَنَّة " أُكُلهَا دَائِم " رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مفسدات القلوب [ الجدال والمراء ]

    الجدال والمراء آفتان عظيمتان، ومرضان خطيران، يفسدان الدين والدنيا، ويهلكان الحرث والنسل ويجلبان الشرور والآثام، على الفرد والمجتمع. ولذا ينبغي على المسلم أن يترك الجدال والمراء ولو كان محقاً لأنهما يقسيان القلوب، ويزرعان الشحناء والبغضاء، ويتسببان في رفض الحق وتقرير الباطل.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339986

    التحميل:

  • تعظيم الحرم

    هذا البحث يتناول مكانة الحرم في الكتاب والسنة ، و وينقسم إلى عدة مباحث أولها : بناء البيت العتيق، وآخرها: منع غير المسلمين من دخول الحرم . وقد تضمن هذا البحث المستند الشرعي لبناء البيت العتيق وتحريمه ، وبماذا تميز الحرم عن غيره، كما حاول البحث الإجابة على التساؤل الذي يتردد كثيرا وهو: لماذا يمنع الإسلام غير المسلمين من دخول الحرم؟؟، وبين البحث أن الشرائع الثلاث كلها تحرم وتمنع غير أتباعها من دخول أماكن العبادة، وفند البحث الشبهة القائلة بأن المسلمين يمارسون تفرقة عنصرية مع غيرهم بسبب اعتقادهم نجاسة الكفار، وأوضح البحث أن غير المسلم نجس نجاسة حكمية في الشريعة الإسلامية، بينما غير اليهودي وغير النصراني نجس نجاسة ذاتية في الديانة اليهودية والنصرانية، بل تشددت هاتان الديانتان فجعلتا الكافر ينجس المكان الذي يحل فيه والزمان الذي يعيش فيه . وبيّن البحث أن المملكة العربية السعودية – حينما تمنع غير المسلمين من دخول الحرم- فإنما تقوم بواجبها الشرعي أداء لأمانة الولاية الدينية التي جعلها الله لها على هذا المكان المعظّم ، كما تقوم به - أيضا - التزاما إداريا أمام العالم الإسلامي الذي رأى فيها خير قائم على هذا المكان، فالعالم الإسلامي يشكر لها هذا القيام الشرعي، ولا يأذن لها ولا لغيرها بأن يستباح من الحرم ما حرمه الله.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/256033

    التحميل:

  • مكارم الأخلاق

    مكارم الأخلاق: أصل هذا الكُتيب محاضرة ألقاها الشيخ - رحمه الله - في المركز الصيفي بمعهد عنيزة العلمي ضمن جهوده التربوية المُوفقة لأبنائه الطلاب، وإسداء النصح الصادق لهم، والتوجيه العلمي والعملي للتحلِّي بالفضائل، والتخلُّق بالآداب الإسلامية الحسنة، تأسيًا برسولنا محمد - عليه الصلاة والسلام -.

    الناشر: دار الوطن http://www.madaralwatan.com - موقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين http://www.ibnothaimeen.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/348436

    التحميل:

  • شرح ثلاثة الأصول [ آل الشيخ ]

    شرح ثلاثة الأصول : سلسلة مفرغة من الدروس التي ألقاها فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - والثلاثة الأصول وأدلتها هي رسالة مختصرة ونفيسة صنفها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - تحتوي على الأصول الواجب على الإنسان معرفتها من معرفة العبد ربه, وأنواع العبادة التي أمر الله بها، ومعرفة العبد دينه، ومراتب الدين، وأركان كل مرتبة، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نبذة من حياته، والحكمة من بعثته، والإيمان بالبعث والنشور، وركنا التوحيد وهما الكفر بالطاغوت,والإيمان بالله.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/285590

    التحميل:

  • حقيقة الانتصار

    حقيقة الانتصار: قال الشيخ في المقدمة: «فقد تأملت في واقع الدعوة اليوم، وما مرت به في خلال هذا العصر من محن وابتلاءات، ورأيت أن الأمة تعيش يقظة مباركة، وصحوة ناهضة، والدعاة يجوبون الآفاق، والجماعات الإسلامية انتشرت في البلدان، حتى وصلت إلى أوربا وأمريكا، وقامت حركات جهادية في بعض بلاد المسلمين كأفغانستان وفلسطين وأريتريا والفلبين وغيرها. ولكن لحظت أن هناك مفاهيم غائبة عن فهم كثير من المسلمين، مع أن القرآن الكريم قد بينها، بل وفصلها، ورأيت أن كثيرا من أسباب الخلل في واقع الدعوة والدعاة، يعود لغياب هذه الحقائق. ومن هذه المفاهيم مفهوم "حقيقة الانتصار"، حيث إن خفاءه أوقع في خلل كبير، ومن ذلك: الاستعجال، والتنازل، واليأس والقنوط ثم العزلة، وهذه أمور لها آثارها السلبية على المنهج وعلى الأمة. من أجل ذلك كله عزمتُ على بيان هذه الحقيقة الغائبة، ودراستها في ضوء القرآن الكريم».

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337579

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة