Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الإسراء - الآية 71

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ۖ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) (الإسراء) mp3
يُخْبِر تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ يَوْم الْقِيَامَة أَنَّهُ يُحَاسِب كُلّ أُمَّة بِإِمَامِهِمْ وَقَدْ اِخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة أَيْ بِنَبِيِّهِمْ وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَلِكُلِّ أُمَّة رَسُول فَإِذَا جَاءَ رَسُولهمْ قُضِيَ بَيْنهمْ بِالْقِسْطِ " الْآيَة وَقَالَ بَعْض السَّلَف هَذَا أَكْبَر شَرَف لِأَصْحَابِ الْحَدِيث لِأَنَّ إِمَامهمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ اِبْن زَيْد بِكِتَابِهِمْ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى نَبِيّهمْ مِنْ التَّشْرِيع وَاخْتَارَهُ اِبْن جَرِير وَرُوِيَ عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ قَالَ : بِكُتُبِهِمْ فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ هَذَا وَأَنْ يَكُون أَرَادَ مَا رَوَاهُ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله " يَوْم نَدْعُو كُلّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ " أَيْ بِكِتَابِ أَعْمَالهمْ وَكَذَا قَالَ أَبُو الْعَالِيَة وَالْحَسَن وَالضَّحَّاك وَهَذَا الْقَوْل هُوَ الْأَرْجَح لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَكُلّ شَيْء أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَام مُبِين " وَقَالَ تَعَالَى " وَوُضِعَ الْكِتَاب فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ " الْآيَة وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد بِإِمَامِهِمْ أَيْ كُلّ قَوْم بِمَنْ يَأْتَمُّونَ بِهِ فَأَهْل الْإِيمَان اِئْتَمُّوا بِالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ السَّلَام وَأَهْل الْكُفْر اِئْتَمُّوا بِأَئِمَّتِهِمْ كَمَا قَالَ " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّة يَدْعُونَ إِلَى النَّار " وَفِي الصَّحِيحَيْنِ " لَتَتْبَع كُلّ أُمَّة مَا كَانَتْ تَعْبُد فَيَتْبَع مَنْ كَانَ يَعْبُد الطَّوَاغِيت الطَّوَاغِيت " الْحَدِيث وَقَالَ تَعَالَى " وَتَرَى كُلّ أُمَّة جَاثِيَة كُلّ أُمَّة تُدْعَى إِلَى كِتَابهَا الْيَوْم تُجْزُونَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هَذَا كِتَابنَا يَنْطِق عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ " وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يُجَاء بِالنَّبِيِّ إِذَا حَكَمَ اللَّه بَيْن أُمَّته فَإِنَّهُ لَا بُدّ أَنْ يَكُون شَاهِدًا عَلَى أُمَّته بِأَعْمَالِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَأَشْرَقَتْ الْأَرْض بِنُورِ رَبّهَا وَوُضِعَ الْكِتَاب وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء " وَقَوْله تَعَالَى " فَكَيْف إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلّ أُمَّة بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا " وَلَكِنَّ الْمُرَاد هَاهُنَا بِالْإِمَامِ هُوَ كِتَاب الْأَعْمَال وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " يَوْم نَدْعُو كُلّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابهمْ " أَيْ مِنْ فَرْحَته وَسُرُوره بِمَا فِيهِ مِنْ الْعَمَل الصَّالِح يَقْرَؤُهُ وَيُحِبّ قِرَاءَته كَقَوْلِهِ " فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِيَمِينِهِ فَيَقُول هَاؤُمُ اِقْرَءُوا كِتَابِيَهْ - إِلَى قَوْله - وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابه بِشِمَالِهِ " الْآيَات وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا" قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْفَتِيل هُوَ الْخَيْط الْمُسْتَطِيل فِي شَقّ النَّوَاة . وَقَدْ رَوَى الْحَافِظ أَبُو بَكْر الْبَزَّار حَدِيثًا فِي هَذَا فَقَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَعْمَر وَمُحَمَّد بْن عُثْمَان بْن كَرَامَة قَالَا : حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيل عَنْ السُّدِّيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى " يَوْم نَدْعُو كُلّ أُنَاس بِإِمَامِهِمْ " قَالَ " يُدْعَى أَحَدهمْ فَيُعْطَى كِتَابه بِيَمِينِهِ وَيُمَدّ لَهُ فِي جِسْمه وَيُبَيَّض وَجْهه وَيُجْعَل عَلَى رَأْسه تَاج مِنْ لُؤْلُؤَة يَتَلَأْلَأ فَيَنْطَلِق إِلَى أَصْحَابه فَيَرَوْنَهُ مِنْ بَعِيد فَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ آتِنَا بِهَذَا وَبَارِكْ لَنَا فِي هَذَا فَيَأْتِيهِمْ فَيَقُول لَهُمْ أَبْشِرُوا فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُل مِنْكُمْ مِثْل هَذَا وَأَمَّا الْكَافِر فَيُسَوَّد وَجْهه وَيُمَدّ لَهُ فِي جِسْمه وَيَرَاهُ أَصْحَابه فَيَقُولُونَ نَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ هَذَا أَوْ مِنْ شَرّ هَذَا اللَّهُمَّ لَا تَأْتِنَا بِهِ فَيَأْتِيهِمْ فَيَقُولُونَ اللَّهُمَّ اِخْزِهِ فَيَقُول أَبْعَدَكُمْ اللَّه فَإِنَّ لِكُلِّ رَجُل مِنْكُمْ مِثْل هَذَا " ثُمَّ قَالَ الْبَزَّار لَا يُرْوَى إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أبراج الزجاج في سيرة الحَجَّاج

    أبراج الزجاج في سيرة الحَجَّاج: قال المراجع - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة مفيدة في سيرة الحجاج بن يوسف أمير العراق، كتبها الابن الشاب، وقد سمّاها - رحمه الله -: «أبراج الزجاج في سيرة الحجاج»، وهي رسالة نافعة جدًّا، بيَّن فيها - رحمه الله تعالى -: نسبَ الحجَّاج، ومولده، وأسرته، وعدد أولاده، وزوجاته، وأخباره معهنّ، وبداية إمارته، وحال الحجاج قبل الإمارة، وقصة قتله لعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -، وكيف تولى إمارة العراق، وفتوحات الحجاج، وصفات الحجاج، وإصلاحاته، وما قيل فيه من مدح، وما قيل فيه من ذم وهجاء، وخطابة الحجاج، ورسائله، ونقد الحجاج، وأقوال العلماء فيه، وما ذكر فيه من أحلام ورُؤىً بعد موته، وذكر وقت وفاته، وأثر وفاته على بعض الناس، ثم ذكر الابن عبد الرحمن - رحمه الله - خاتمة البحث، ثم التوصيات، ثم قائمة المراجع التي رجع إليها في سيرة الحجاج، وعندما رأيت هذا الترتيب الجميل، والاختصار المفيد، أحببت أن أقوم بإخراج هذه الرسالة التي توضح الحقيقة في شأن الحجاج».

    المدقق/المراجع: سعيد بن علي بن وهف القحطاني

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/269034

    التحميل:

  • قادة فتح الشام ومصر

    قادة فتح الشام ومصر: تحتلُّ أرضُ الشام مكانةً فريدةً في تاريخ العالم، وقد كان لها فضلٌ في رُقِيِّ العالَم من الناحيتين الفِكرية والروحية أجلّ شأنًا من فضلِ أيِّ بلدٍ آخر. وفي هذا الكتاب يذكر المؤلف - رحمه الله - أحوال بلاد الشام ومصر قبل الإسلام وبعد دخوله فيهما، وذكر الفتوحات الإسلامية وأهميتها وعظمتها وأخلاق قادتها، وما إلى ذلك.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/380517

    التحميل:

  • جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم

    جامع العلوم والحكم : يتضمن الكتاب شرح خمسين حديثاً منتقاة من جوامع الأحاديث النبوية الشريفة، يندرج تحتها معان كثيرة في ألفاظ قليلة، وهي مما خص الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وأصل هذا الكتاب ستة وعشرون حديثاً جمعها الإمام أبو عمرو عثمان بن موسى الشهرزوري الشهير بابن الصلاح، ثم إن الإمام النووي زاد عليها تمام اثنين وأربعين حديثاً، وسمى كتابة الأربعين، ثم إن الحافظ ابن رجب ضم إلى ذلك كله ثمانية أحاديث من جوامع الكلم الجامعة لأنواع العلوم والحكم، فبلغت خمسين حديثاً، ثم استخار الله تعالى إجابة لجماعة من طلبة العلم في جمع كتاب يتضمن شرح ما يسَّر الله من معانيها، وتقييد ما يفتح به سبحانه من تبيين قواعدها ومبانيها، وقد اعتنى في شرحه هذا بالتفقه في معاني الأحاديث النبوية وتفسير غريبها، وشرح غامضها، وتأويل مختلفها، وبيان أحكامها الفقهية والعقدية التي تضمنتها، وما اختلف فيه العلماء منها.

    المدقق/المراجع: ماهر ياسين الفحل

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2097

    التحميل:

  • الإيمان: حقيقته وما يتعلق به من مسائل

    الإيمان: حقيقته وما يتعلق به من مسائل: في هذا الكتاب أوضح المؤلف - حفظه الله - مسائل الإيمان والكفر، وقسَّم ذلك في ستة فصول، وهي: الفصل الأول: ثمرات الإيمان، ومفهوم الإسلام والإيمان. الفصل الثاني: زيادة الإيمان ونقصانه، ومراتبه. الفصل الثالث: الاستثناء في الإيمان. الفصل الرابع: في الكفر والتكفير. الفصل الخامس: موانع التكفير. الفصل السادس: الصغائر والكبائر، وموانع إنفاذ الوعيد.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355723

    التحميل:

  • من بدائع القصص النبوي الصحيح

    من بدائع القصص النبوي الصحيح: فإن النفوس تحب القصص، وتتأثر بها؛ لذلك تجد في القرآن أنواعًا من القصص النافع، وهو من أحسن القصص. وكان من حكمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن اقتدى بكتاب ربه، فقص علينا من الأنباء السابقة ما فيه العِبَر، باللفظ الفصيح والبيـان العذب البليغ، ويمتاز بأنه واقعي وليس بخيالي. ولما كان بعض شبابنا قد مالوا إلى القصص الأجنبي الضار، إذ أكثره جنسي مائع أو بوليسي مجرم، يوقعهم في الفاحشة والانحراف كما يريده أعداء الإسلام؛ رأينا أن نقدم لهم نماذج من القصص الديني الصحيح؛ فان فيها تهذيب الأخلاق، وتقريب الشباب من الدين. وفي هذا الكتاب نموذج من بدائع القصص النبوي، وهي مختارة من الأحاديث الصحيحة، جعلها الكاتب على شكل حوار، ومشاهد، حتى كأنك ترى وقائع القصة أمامك، وجعل لكل قصة عبرة في آخرها للاستفادة منها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1894

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة