Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة طه - الآية 24

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (24) (طه) mp3
وَقَوْله " اِذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْن إِنَّهُ طَغَى " أَيْ اِذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْن مَلَك مِصْر الَّذِي خَرَجْت فَارًّا مِنْهُ وَهَارِبًا فَادْعُهُ إِلَى عِبَادَة اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَمُرْهُ فَلْيُحْسِنْ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيل وَلَا يُعَذِّبهُمْ فَإِنَّهُ قَدْ طَغَى وَبَغَى وَآثَرَ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَنَسِيَ الرَّبّ الْأَعْلَى . قَالَ وَهْب بْن مُنَبِّه " قَالَ اللَّه لِمُوسَى اِنْطَلِقْ بِرِسَالَتِي فَإِنَّك بِسَمْعِي وَعَيْنِي وَإِنَّ مَعَك يَدِي وَبَصَرِي وَإِنِّي قَدْ أَلْبَسْتُك جُنَّة مِنْ سُلْطَانِي لِتَسْتَكْمِل بِهَا الْقُوَّة فِي أَمْرِي فَأَنْتَ جُنْد عَظِيم مِنْ جُنْدِي بَعَثْتُك إِلَى خَلْق ضَعِيف مِنْ خَلْق بَطِرَ نِعْمَتِي وَأَمِنَ مَكْرِي وَغَرَّتْهُ الدُّنْيَا عَنِّي حَتَّى جَحَدَ حَقِّي وَأَنْكَرَ رُبُوبِيَّتِي وَزَعَمَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفنِي فَإِنِّي أُقْسِم بِعِزَّتِي لَوْلَا الْقَدَر الَّذِي وَضَعْت بَيْنِي وَبَيْن خَلْقِي لَبَطَشْت بِهِ بَطْشَة جَبَّار يَغْضَب لِغَضَبِهِ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَالْجِبَال وَالْبِحَار فَإِنْ أَمَرْت السَّمَاء حَصَبَتْهُ وَإِنْ أَمَرْت الْأَرْض اِبْتَلَعَتْهُ وَإِنْ أَمَرْت الْجِبَال دَمَّرَتْهُ وَإِنْ أَمَرْت الْبِحَار غَرَّقَتْهُ وَلَكِنَّهُ هَانَ عَلَيَّ وَسَقَطَ مِنْ عَيْنِي وَوَسِعَهُ حِلْمِي وَاسْتَغْنَيْت بِمَا عِنْدِي وَحَقِّي أَنِّي أَنَا الْغَنِيّ لَا غَنِيّ غَيْرِي فَبَلِّغْهُ رِسَالَتِي وَادْعُهُ إِلَى عِبَادَتِي وَتَوْحِيدِي وَإِخْلَاصِي وَذَكِّرْهُ أَيَّامِي وَحَذِّرْهُ نِقْمَتِي وَبَأْسِي وَأَخْبِرْهُ أَنَّهُ لَا يَقُوم شَيْء لِغَضَبِي وَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْن ذَلِكَ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّر أَوْ يَخْشَى وَأَخْبِرْهُ أَنِّي إِلَى الْعَفْو وَالْمَغْفِرَة أَسْرَع مِنِّي إِلَى الْغَضَب وَالْعُقُوبَة وَلَا يُرَوِّعَنَّك مَا أَلْبَسْته مِنْ لِبَاس الدُّنْيَا فَإِنَّ نَاصِيَته بِيَدِي لَيْسَ يَنْطِق وَلَا يَطْرِف وَلَا يَتَنَفَّس إِلَّا بِإِذْنِي وَقُلْ لَهُ أَجِبْ رَبّك فَإِنَّهُ وَاسِع الْمَغْفِرَة وَقَدْ أَمْهَلَك أَرْبَعمِائَةِ سَنَة فِي كُلّهَا أَنْتَ مُبَارِزه بِالْمُحَارَبَةِ تَسُبّهُ وَتَتَمَثَّل بِهِ وَتَصُدّ عِبَاده عَنْ سَبِيله وَهُوَ يُمْطِر عَلَيْك السَّمَاء وَيُنْبِت لَك الْأَرْض لَمْ تَسْقَم وَلَمْ تَهْرَم وَلَمْ تَفْتَقِر وَلَمْ تُغْلَب وَلَوْ شَاءَ اللَّه أَنْ يُعَجِّل لَك الْعُقُوبَة لَفَعَلَ وَلَكِنَّهُ ذُو أَنَاة وَحِلْم عَظِيم وَجَاهِدْهُ بِنَفْسِك وَأَخِيك وَأَنْتُمَا تَحْتَسِبَانِ بِجِهَادِهِ فَإِنِّي لَوْ شِئْت أَنْ آتِيه بِجُنُودٍ لَا قِبَل لَهُ بِهَا لَفَعَلْت وَلَكِنْ لِيَعْلَم هَذَا الْعَبْد الضَّعِيف الَّذِي قَدْ أَعْجَبَتْهُ نَفْسه وَجُمُوعه أَنَّ الْفِئَة الْقَلِيلَة وَلَا قَلِيل مِنِّي تَغْلِب الْفِئَة الْكَثِيرَة بِإِذْنِي وَلَا تُعْجِبَنَّكُمَا زِينَته وَلَا مَا مُتِّعَ بِهِ وَلَا تَمُدَّا إِلَى ذَلِكَ أَعْيُنكُمَا فَإِنَّهَا زَهْرَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَة الْمُتْرَفِينَ وَلَوْ شِئْت أَنْ أُزَيِّنكُمَا مِنْ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ لِيَعْلَم فِرْعَوْن حِين يَنْظُر إِلَيْهَا أَنَّ مَقْدِرَته تَعْجِز عَنْ مِثْل مَا أُوتِيتُمَا فَعَلْت وَلَكِنِّي أَرْغَب بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ وَأَزْوِيه عَنْكُمَا وَكَذَلِكَ أَفْعَل بِأَوْلِيَائِي وَقَدِيمًا مَا جَرَتْ عَادَتِي فِي ذَلِكَ فَإِنِّي لَأَذُودهُمْ عَنْ نَعِيمهَا وَزَخَارِفهَا كَمَا يَذُود الرَّاعِي الشَّفِيق إِبِله عَنْ مَبَارِك الْغِرَّة وَمَا ذَاكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبهمْ فِي دَار كَرَامَتِي سَالِمًا مُوَفَّرًا لَمْ تُكَلِّمهُ الدُّنْيَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَتَزَيَّن لِي الْعِبَاد بِزِينَةٍ هِيَ أَبْلَغ فِيمَا عِنْدِي مِنْ الزُّهْد فِي الدُّنْيَا فَإِنَّهَا زِينَة الْمُتَّقِينَ عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِبَاس يُعْرَفُونَ بِهِ مِنْ السَّكِينَة وَالْخُشُوع وَسِيمَاهُمْ فِي وُجُوههمْ مِنْ أَثَر السُّجُود أُولَئِكَ أَوْلِيَائِي حَقًّا حَقًّا فَإِذَا لَقِيتهمْ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحك وَذَلِّلْ قَلْبك وَلِسَانك وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا أَوْ أَخَافَهُ فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَبَادَأَنِي وَعَرَضَ لِي نَفْسه وَدَعَانِي إِلَيْهَا وَأَنَا أَسْرَع شَيْء إِلَى نُصْرَة أَوْلِيَائِي أَفَيَظُنُّ الَّذِي يُحَارِبنِي أَنْ يَقُوم لِي أَمْ يَظُنّ الَّذِي يُعَادِينِي أَنْ يُعْجِزنِي أَمْ يَظُنّ الَّذِي يُبَارِزنِي أَنْ يَسْبِقنِي أَوْ يَفُوتنِي وَكَيْف وَأَنَا الثَّائِر لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لَا أَكِل نُصْرَتهمْ إِلَى غَيْرِي " رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • بغية المتطوع في صلاة التطوع

    بغية المتطوع في صلاة التطوع : قال الكاتب - أثابه الله -: فإنه لما كانت صلوات التطوع من هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي قال الله تبارك وتعالى فيه: { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر}، ولما كان تطلب أحكامها وصفاتها من كتب الحديث وشروحه يحتاج إلى جهد ووقت؛ رأيت أن أجمع في ذلك جملة مما صح، مرتباً له، مع تعليق وجيز حول فقه الحديث فيما أورده من أجله؛ رغبة في تقريب هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صلوات التطوع لي ولعموم المسلمين، وتسهيل وتيسير الوقوف عليه في محل واحد. وقد راعيت الاختصار غير المخل، وابتعدت عن الإكثار؛ مكتفياً غالباً بالإشارة عن طول العبارة، وسميته: " بغية المتطوع في صلاة التطوع ".

    الناشر: موقع الدرر السنية http://www.dorar.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/263403

    التحميل:

  • مرشد المعتمر والحاج والزائر في ضوء الكتاب والسنة

    مرشد المعتمر والحاج والزائر في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في فضائل, وآداب، وأحكام العمرة والحج وزيارة مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، اختصرتها من كتابي «العمرة والحج والزيارة» في ضوء الكتاب والسنة؛ ليسهل الانتفاع بها».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/268368

    التحميل:

  • ثوابت الأمة في ظل المتغيرات الدولية

    ثوابت الأمة في ظل المتغيرات الدولية: مدخل في معرفة الثوابت، وهو ضمن فعاليات مؤتمر الآفاق المستقبلية للعمل الخيري بدولة الكويت، تحت إشراف مبرة الأعمال الخيرية. وهذا الموضوع من أهم الموضوعات وأعظمها لا سيما في هذه الآونة المتأخرة؛ مع تجمُّع الأعداء على المسلمين وثوابتهم ورموزهم.

    الناشر: موقع المسلم http://www.almoslim.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/337586

    التحميل:

  • طهور المسلم في ضوء الكتاب والسنة

    طهور المسلم في ضوء الكتاب والسنة: رسالة مختصرة في مفهوم، وفضائل، وآداب، وأحكام الطهارة التي هي شطر الإيمان، ومفتاح الصلاة، بيّن فيها المصنف - حفظه الله - كل ما يحتاجه المسلم في طهارته ونظافته ونزاهته.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1926

    التحميل:

  • تلخيص فقه الفرائض

    تلخيص فقه الفرائض: رسالة مختصرة في علم الفرائض راعى فيها الشيخ - رحمه الله - سهولة التعبير مع الإيضاح بالأمثلة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1910

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة