Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الفرقان - الآية 73

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) (الفرقان) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا " وَهَذِهِ أَيْضًا مِنْ صِفَات الْمُؤْمِنِينَ " الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّه وَجِلَتْ قُلُوبهمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاته زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبّهمْ يَتَوَكَّلُونَ " بِخِلَافِ الْكَافِر فَإِنَّهُ إِذَا سَمِعَ كَلَام اللَّه لَا يُؤَثِّر فِيهِ وَلَا يَتَغَيَّر عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ بَلْ يَبْقَى مُسْتَمِرًّا عَلَى كُفْره وَطُغْيَانه وَجَهْله وَضَلَاله كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَة فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول أَيّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَض فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسهمْ" فَقَوْله " لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا " أَيْ بِخِلَافِ الْكَافِر الَّذِي إِذَا سَمِعَ آيَات اللَّه فَلَا تُؤَثِّر فِيهِ فَيَسْتَمِرّ عَلَى حَاله كَأَنْ لَمْ يَسْمَعهَا أَصَمّ أَعْمَى قَالَ مُجَاهِد قَوْله" لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا " قَالَ لَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُبْصِرُوا وَلَمْ يَفْقَهُوا شَيْئًا وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : كَمْ مِنْ رَجُل يَقْرَؤُهَا وَيَخِرّ عَلَيْهَا أَصَمّ أَعْمَى وَقَالَ قَتَادَة قَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبّهمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا" يَقُول لَمْ يَصُمُّوا عَنْ الْحَقّ وَلَمْ يُعْمُوا فِيهِ فَهُمْ وَاَللَّه قَوْم عَقَلُوا عَنْ الْحَقّ وَانْتَفَعُوا بِمَا سَمِعُوا مِنْ كِتَابه وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أُسَيْد بْن عَاصِم حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن حُمْرَان ثَنَا اِبْن عَوْن قَالَ سَأَلْت الشَّعْبِيّ قُلْت الرَّجُل يَرَى الْقَوْم سُجُودًا وَلَمْ يَسْمَع مَا سَجَدُوا أَيَسْجُدُ مَعَهُمْ ؟ قَالَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَة : يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَسْجُد مَعَهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَدَبَّر أَمْر السُّجُود وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُون إِمَّعَة بَلْ يَكُون عَلَى بَصِيرَة فِي أَمْره وَيَقِين وَاضِح بَيِّن وَقَوْله تَعَالَى" وَاَلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن " يَعْنِي الَّذِينَ يَسْأَلُونَ اللَّه أَنْ يُخْرِج مِنْ أَصْلَابهمْ مِنْ ذُرِّيَّاتهمْ مَنْ يُطِيعهُ وَيَعْبُدهُ وَحْده لَا شَرِيك لَهُ قَالَ اِبْن عَبَّاس يَعْنُونَ مَنْ يَعْمَل بِطَاعَةِ اللَّه فَتَقَرّ بِهِ أَعْيُنهمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة قَالَ عِكْرِمَة : لَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ صَبَاحَة وَلَا جَمَالًا وَلَكِنْ أَرَادُوا أَنْ يَكُونُوا مُطِيعِينَ وَسُئِلَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ عَنْ هَذِهِ الْآيَة فَقَالَ أَنْ يَرَى اللَّه الْعَبْد الْمُسْلِم مِنْ زَوْجَته وَمِنْ أَخِيهِ وَمِنْ حَمِيمه طَاعَة اللَّه لَا وَاَللَّه لَا شَيْء أَقَرّ لِعَيْنِ الْمُسْلِم مِنْ أَنْ يَرَى وَلَدًا أَوْ وَلَد وَلَد أَوْ أَخًا وَحَمِيمًا مُطِيعًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ اِبْن جُرَيْج فِي قَوْله " هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا قُرَّة أَعْيُن" قَالَ يَعْبُدُونَك فَيُحْسِنُونَ عِبَادَتك وَلَا يَجُرُّونَ عَلَيْنَا الْجَرَائِر وَقَالَ عَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَم : يَعْنِي يَسْأَلُونَ اللَّه تَعَالَى لِأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتهمْ أَنْ يَهْدِيهِمْ لِلْإِسْلَامِ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مَعْمَر بْن بِشْر حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك أَخْبَرَنَا صَفْوَان بْن عَمْرو حَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر بْن نُفَيْر عَنْ أَبِيهِ قَالَ : جَلَسْنَا إِلَى الْمِقْدَاد بْن الْأَسْوَد يَوْمًا فَمَرَّ بِهِ رَجُل فَقَالَ طُوبَى لِهَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ رَأَيَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوَدِدْنَا أَنَّا رَأَيْنَا مَا رَأَيْت وَشَهِدْنَا مَا شَهِدْت فَاسْتَغْضَبَ الْمِقْدَاد فَجَعَلْت أَعْجَب لِأَنَّهُ مَا قَالَ إِلَّا خَيْرًا ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا يَحْمِل الرَّجُل عَلَى أَنْ يَتَمَنَّى مُحْضَرًا غَيَّبَهُ اللَّه عَنْهُ لَا يَدْرِي لَوْ شَهِدَهُ كَيْف يَكُون فِيهِ وَاَللَّه لَقَدْ حَضَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْوَامًا أَكَبَّهُمْ اللَّه عَلَى مَنَاخِرهمْ فِي جَهَنَّم لَمْ يُجِيبُوهُ وَلَمْ يُصَدِّقُوهُ أَوَلَا تَحْمَدُونَ اللَّه إِذْ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُون أُمَّهَاتكُمْ لَا تَعْرِفُونَ إِلَّا رَبّكُمْ مُصَدِّقِينَ بِمَا جَاءَ بِهِ نَبِيّكُمْ قَدْ كُفِيتُمْ الْبَلَاء بِغَيْرِكُمْ ؟ لَقَدْ بَعَثَ اللَّه النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَشَرّ حَال بَعَثَ عَلَيْهَا نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاء فِي فَتْرَة جَاهِلِيَّة مَا يَرَوْنَ أَنَّ دِينًا أَفْضَل مِنْ عِبَادَة الْأَوْثَان فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ فَرَّقَ بِهِ بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل وَفَرَّقَ بَيْن الْوَالِد وَوَلَده إِنْ كَانَ الرَّجُل لَيَرَى وَالِده وَوَلَده وَأَخَاهُ كَافِرًا وَقَدْ فَتَحَ اللَّه قُفْل قَلْبه لِلْإِيمَانِ يَعْلَم أَنَّهُ إِنْ هَلَكَ دَخَلَ النَّار فَلَا تَقَرّ عَيْنه وَهُوَ يَعْلَم أَنَّ حَبِيبه فِي النَّار .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • قصة كاملة لم يؤلفها بشر

    قصة كاملة لم يؤلفها بشر : في هذه الرسالة واقعة أغرب من القصص، ما ألفها أديب قصصي، ولا عمل فيها خيال روائي، بل ألَّفَتْها الحياة، فجاءت بأحداثها ومصادفاتها، وبداياتها وخواتيمها، أبلغ مما ألف القصاص من الأدباء.

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265570

    التحميل:

  • صلاة الجمعة في ضوء الكتاب والسنة

    صلاة الجمعة في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في صلاة الجمعة بيَّنت فيها: مفهوم الجمعة، والأصل في وجوبها، وحكم صلاة الجمعة: من تجب عليه ومن لا تجب، وأنها فرض عين على من توفرت فيه ثمانية شروط، ومن حضرها ممن لا تجب عليه من المسلمين العقلاء أجزأته عن صلاة الظهر، وانعقدت به وصح أن يؤم فيها إلا المرأة فلا يصح أن تكون خطيباً، ولا إماماً، ثم بيّنت عقوبة تارك الجمعة، وأوضحت فضائل يوم الجمعة، وفضائل صلاة الجمعة، وآداب الجمعة: الواجبة والمستحبة، ثم ذكرت خصائصها بإيجاز، ثم شروط صحة الجمعة، ثم صفة صلاة الجمعة، وقد استفدت كثيراً من تقريرات شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى، ورفع درجاته في جنات النعيم -».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/58442

    التحميل:

  • زينة المرأة المسلمة

    زينة المرأة المسلمة: رسالة قيمة تحمل قضية من أهم القضايا المعاصرة وتعالج ركنا من أركانها وهي قضية المرأة ولباسها وزينتها، وفيها أيضا إيضاح لمعايير الضبط والانضباط في اللباس والزينة، وغايتها مستمدة من غاية دين الله في إقامة مجتمع طاهر، الخلق سياجه، والعفة طابعه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2056

    التحميل:

  • أحكام الجنائز

    أحكام الجنائز : فكما أن للإنسان أحكامًا في حياته لا بد له من معرفتها والعمل بها فإن له أحكامًا بعد وفاته لا بد له من معرفتها والعمل بموجبها. ولا بد للحي أن يعرف أحكام المريض قبل الوفاة، وأحكامه بعد الوفاة من تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وأن يعرف ما أحيطت به هذه الأحكام من بدع وخرافات ما أنزل الله بها من سلطان ليحذرها ويحذر إخوانه المسلمين منها وكذلك من المهم معرفة أحكام زيارة القبور الشرعية، والبدعية والشركية التي هي حاصلة في كثير من الأقطار.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209121

    التحميل:

  • سنن ابن ماجه

    سنن ابن ماجه سادس الكتب الستة على القول المشهور وهو أقلُّها درجة. - قال الحافظ ابن حجر في ترجمة ابن ماجه في تهذيب التهذيب: "كتابه في السنن جامعٌ جيِّدٌ كثيرُ الأبواب والغرائب وفيه أحاديث ضعيفة جدًّا، حتى بلغني أنًَّ السريَّ كان يقول:مهما انفرد بخبر فيه فهو ضعيفٌ غالباً، وليس الأمرُ في ذلك على إطلاقه باستقرائي، وفي الجملة ففيه أحاديثُ كثيرةٌ منكرةٌ، والله المستعان". وإنَّما اعتُبِر سادسُ الكتب الستة لكثرة زوائده على الكتب الخمسة، وقيل سادسها الموطأ لعُلُوِّ إسناده، وقيل السادس سنن الدارمي.

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/140683

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة