Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة القمر - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) (القمر) mp3
سُورَة الْقَمَر مَكِّيَّة كُلّهَا فِي قَوْل الْجُمْهُور . وَقَالَ مُقَاتِل : إِلَّا ثَلَاث آيَات مِنْ قَوْله تَعَالَى : " أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيع مُنْتَصِر " [ الْقَمَر : 44 ] إِلَى قَوْله : " وَالسَّاعَة أَدْهَى وَأَمَرّ " [ الْقَمَر : 46 ] وَلَا يَصِحّ عَلَى مَا يَأْتِي . وَهِيَ خَمْس وَخَمْسُونَ آيَة .

" اِقْتَرَبَتْ " أَيْ قَرُبَتْ مِثْل " أَزِفَتْ الْآزِفَة " [ النَّجْم : 57 ] عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ . فَهِيَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا مَضَى قَرِيبَة ; لِأَنَّهُ قَدْ مَضَى أَكْثَرُ الدُّنْيَا كَمَا رَوَى قَتَادَة عَنْ أَنَس قَالَ : خَطَبَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ كَادَتْ الشَّمْس تَغِيب فَقَالَ : ( مَا بَقِيَ مِنْ دُنْيَاكُمْ فِيمَا مَضَى إِلَّا مِثْل مَا بَقِيَ مِنْ هَذَا الْيَوْم فِيمَا مَضَى ) وَمَا نَرَى مِنْ الشَّمْس إِلَّا يَسِيرًا . وَقَالَ . كَعْب وَوَهْب : الدُّنْيَا سِتَّة آلَاف سَنَة . قَالَ وَهْب : قَدْ مَضَى مِنْهَا خَمْسَة آلَاف سَنَة وَسِتّمِائَةِ سَنَة . ذَكَرَهُ النَّحَّاس . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : " وَانْشَقَّ الْقَمَر " أَيْ وَقَدْ اِنْشَقَّ الْقَمَر . وَكَذَا قَرَأَ حُذَيْفَة " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَقَدْ اِنْشَقَّ الْقَمَر " بِزِيَادَةِ " قَدْ " وَعَلَى هَذَا الْجُمْهُور مِنْ الْعُلَمَاء ; ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ وَغَيْره مِنْ حَدِيث اِبْن مَسْعُود وَابْن عُمَر وَأَنَس وَجُبَيْر بْن مُطْعِم وَابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ . وَعَنْ أَنَس قَالَ : سَأَلَ أَهْل مَكَّة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آيَة , فَانْشَقَّ الْقَمَر بِمَكَّة مَرَّتَيْنِ فَنَزَلَتْ : " اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر " إِلَى قَوْله : " سِحْر مُسْتَمِرّ " يَقُول ذَاهِب قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . وَلَفْظ الْبُخَارِيّ عَنْ أَنَس قَالَ : اِنْشَقَّ الْقَمَر فِرْقَتَيْنِ . وَقَالَ قَوْم : لَمْ يَقَع اِنْشِقَاق الْقَمَر بَعْد وَهُوَ مُنْتَظَر ; أَيْ اِقْتَرَبَ قِيَام السَّاعَة وَانْشِقَاق الْقَمَر ; وَأَنَّ السَّاعَة إِذَا قَامَتْ اِنْشَقَّتْ السَّمَاء بِمَا فِيهَا مِنْ الْقَمَر وَغَيْره . وَكَذَا قَالَ الْقُشَيْرِيّ . وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيّ : أَنَّ هَذَا قَوْل الْجُمْهُور , وَقَالَ : لِأَنَّهُ إِذَا اِنْشَقَّ مَا بَقِيَ أَحَد إِلَّا رَآهُ ; لِأَنَّهُ آيَة وَالنَّاس فِي الْآيَات سَوَاء . وَقَالَ الْحَسَن : اِقْتَرَبَتْ السَّاعَة فَإِذَا جَاءَتْ اِنْشَقَّ الْقَمَر بَعْد النَّفْخَة الثَّانِيَة . وَقِيلَ : " وَانْشَقَّ الْقَمَر " أَيْ وَضَحَ الْأَمْر وَظَهَرَ ; وَالْعَرَب تَضْرِب بِالْقَمَرِ مَثَلًا فِيمَا وَضَحَ ; قَالَ : أَقِيمُوا بَنِي أُمِّي صُدُور مَطِيّكُمْ فَإِنِّي إِلَى حَيّ سِوَاكُمْ لَأَمْيَلُ فَقَدْ حُمَّتْ الْحَاجَات وَاللَّيْل مُقْمِر وَشُدَّتْ لِطَيَّاتٍ مَطَايَا وَأَرْحُلُ وَقِيلَ : اِنْشِقَاق الْقَمَر هُوَ اِنْشِقَاق الظُّلْمَة عَنْهُ بِطُلُوعِهِ فِي أَثْنَائِهَا , كَمَا يُسَمَّى الصُّبْح فَلْقًا ; لِانْفِلَاقِ الظُّلْمَة عَنْهُ . وَقَدْ يُعَبَّر عَنْ اِنْفِلَاقه بِانْشِقَاقِهِ كَمَا قَالَ النَّابِغَة : فَلَمَّا أَدْبَرُوا وَلَهُمْ دَوِيّ دَعَانَا عِنْد شَقّ الصُّبْح دَاعِ قُلْت : وَقَدْ ثَبَتَ بِنَقْلِ الْآحَاد الْعُدُول أَنَّ الْقَمَر اِنْشَقَّ بِمَكَّة , وَهُوَ ظَاهِر التَّنْزِيل , وَلَا يَلْزَم أَنْ يَسْتَوِي النَّاس فِيهَا ; لِأَنَّهَا كَانَتْ آيَة لَيْلِيَّة ; وَأَنَّهَا كَانَتْ بِاسْتِدْعَاءِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللَّه تَعَالَى عِنْد التَّحَدِّي . فَرُوِيَ أَنَّ حَمْزَة بْن عَبْد الْمُطَّلِب حِين أَسْلَمَ غَضَبًا مِنْ سَبّ أَبِي جَهْل الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبَ أَنْ يُرِيه آيَة يَزْدَاد بِهَا يَقِينًا فِي إِيمَانه . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصَّحِيح أَنَّ أَهْل مَكَّة هُمْ الَّذِينَ سَأَلُوا وَطَلَبُوا أَنْ يُرِيَهُمْ آيَة , فَأَرَاهُمْ اِنْشِقَاق الْقَمَر فَلْقَتَيْنِ كَمَا فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود وَغَيْره . وَعَنْ حُذَيْفَة أَنَّهُ خَطَبَ بِالْمَدَائِنِ ثُمَّ قَالَ : أَلَا إِنَّ السَّاعَة قَدْ اِقْتَرَبَتْ , وَأَنَّ الْقَمَر قَدْ اِنْشَقَّ عَلَى عَهْد نَبِيّكُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ قِيلَ : هُوَ عَلَى التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير , وَتَقْدِيره اِنْشَقَّ الْقَمَر وَاقْتَرَبَتْ السَّاعَة ; قَالَهُ اِبْن كَيْسَان . وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْفَرَّاء أَنَّ الْفِعْلَيْنِ إِذَا كَانَا مُتَقَارِبَيْ الْمَعْنَى فَلَك أَنْ تُقَدِّم وَتُؤَخِّر عِنْد قَوْله تَعَالَى : " ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى " [ النَّجْم : 8 ] .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كتاب النبوات

    كتاب النبوات : يبحث في طرق إثبات النبوة، والمعجزة، والكرامة، والفرق بينها وبين خوارق العادات، وفق معتقد أهل السنة والجماعة. وفيه ردّ على المخالفين في هذا الباب؛ من أشعرية، ومعتزلة، وفلاسفة، مع ذكر مذاهبهم، وبيان أدلتهم. وقد فصّل شيخ الإسلام - رحمه الله - فيه القول، وأطال النفس: فَعَرَضَ أقوال الأشاعرة بالتفصيل، وردّ عليها. واهتمّ حين عَرْضِه لأقوال الأشاعرة، بأقوال الشخصية الثانية في المذهب الأشعري، ألا وهو القاضي أبو بكر الباقلاني، حيث انتقده في كتابه " البيان "، وردّ على أقواله، وناقشها، ومحّصها، وبيَّن مجانبتها للصواب، وكرَّ على ما بُنيت عليه هذه الأقوال من قواعد فنسفها نسفاً، ووضّح لازمها، والنتيجة التي تفضي إليها، محذّراً بذلك منها ومن اعتقادها. وكتاب " النبوات" لم يقتصر على مباحث النبوات، والفروق بين المعجزة والكرامة، وبين ما يظهر على أيدي السحرة والكهان وأمثالهم من خوارق. بل كما هي عادة شيخ الإسلام - رحمه الله -، كان يردّ على الخصوم، ويُبيِّن المضائق والمزالق التي أودت بهم إليها أقوالهم الباطلة، ويوضّح المآزق التي أوقعتهم بها أصولهم الهابطة النازلة.

    المدقق/المراجع: عبد العزيز بن صالح الطويان

    الناشر: موقع الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة www.iu.edu.sa - دار أضواء السلف للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/272842

    التحميل:

  • شرح الآجرومية [ ابن عثيمين ]

    شرح الآجرومية: هذا شرح تعليمي لمتن ابن آجروم في النحو المعروف بالآجرومية، اعتنى فيه الشارح ببيان مفردات التعاريف، ومحترزاتها، وأمثلتها، مع إضافة بعض الشروط والأمثلة على ما ذكره الماتن، وقد وردت في آخر كل فصل أسئلة مع الإجابة عليها.

    الناشر: مكتبة الرشد بالمملكة العربية السعودية

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/334270

    التحميل:

  • التفكر في ملكوت السماوات والأرض وقدرة الله تعالى

    التفكر في ملكوت السماوات والأرض وقدرة الله تعالى : رسالة مختصرة تحتوي على معنى التفكر، الآثار وأقوال العلماء الواردة في التفكر، بعض فوائد التفكر، طريق التفكر وكيف يتحقق؟ بيان ثمرة التفكر.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66756

    التحميل:

  • صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

    صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: رسالة قيمة تشرح كيفية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً بأسلوب سهل، مع ذكر الدليل.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1963

    التحميل:

  • منزلة الصلاة في الإسلام وعظم شأنها

    منـزلة الصلاة في الإسلام وعظم شأنها: خطبةٌ مُفرغة تحدث فيها المؤلف - حفظه الله - عن: الصلاة، وأنها أعظم ركن في أركان الإسلام، وأنها عمود الدين، وهي أول ما يُحاسَب عليه العبد يوم القيامة، وآخر وصيةٍ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2120

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة