Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 145

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (145) (الأنعام) mp3
يَقُول تَعَالَى آمِرًا عَبْده وَرَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" قُلْ " يَا مُحَمَّد لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ حَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمْ اللَّه اِفْتِرَاء عَلَى اللَّه " لَا أَجِد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِم يَطْعَمهُ " أَيْ آكِل يَأْكُلهُ قِيلَ مَعْنَاهُ لَا أَجِد شَيْئًا مِمَّا حَرَّمْتُمْ حَرَامًا سِوَى هَذِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا أَجِد مِنْ الْحَيَوَانَات شَيْئًا حَرَامًا سِوَى هَذِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُون مَا وَرَدَ مِنْ التَّحْرِيمَات بَعْد هَذَا فِي سُورَة الْمَائِدَة وَفِي الْأَحَادِيث الْوَارِدَة رَافِعًا لِمَفْهُومِ هَذِهِ الْآيَة وَمِنْ النَّاس مَنْ يُسَمِّي هَذَا نَسْخًا وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا يُسَمُّونَهُ نَسْخًا لِأَنَّهُ مِنْ بَاب رَفْع مُبَاح الْأَصْل وَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس " أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا " يَعْنِي الْمِهْرَاق وَقَالَ عِكْرِمَة فِي قَوْله " أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا " لَوْلَا هَذِهِ الْآيَة لَتَتَبَّعَ النَّاس مَا فِي الْعُرُوق كَمَا تَتَبَّعَهُ الْيَهُود وَقَالَ حَمَّاد عَنْ عِمْرَان بْن جَرِير قَالَ : سَأَلْت أَبَا مِجْلَز عَنْ الدَّم وَمَا يَتَلَطَّخ مِنْ الذَّبِيح مِنْ الرَّأْس وَعَنْ الْقِدْر يُرَى فِيهَا الْحُمْرَة فَقَالَ إِنَّمَا نَهَى اللَّه عَنْ الدَّم الْمَسْفُوح وَقَالَ قَتَادَة : حَرَّمَ مِنْ الدِّمَاء مَا كَانَ مَسْفُوحًا فَأَمَّا اللَّحْم خَالَطَهُ الدَّم فَلَا بَأْس بِهِ وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا حَجَّاج بْن مِنْهَال حَدَّثَنَا حَمَّاد عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد عَنْ الْقَاسِم عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَرَى بِلُحُومِ السِّبَاع بَأْسًا وَالْحُمْرَة وَالدَّم يَكُونَانِ عَلَى الْقِدْر وَقَرَأْت هَذِهِ الْآيَة صَحِيح غَرِيب . وَقَالَ الْحُمَيْدِيّ حَدَّثَنَا سُفْيَان حَدَّثَنَا عَمْرو بْن دِينَار قَالَ : قُلْت لِجَابِرِ بْن عَبْد اللَّه إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة زَمَن خَيْبَر فَقَالَ : قَدْ كَانَ يَقُول ذَلِكَ الْحَكَم بْن عَمْرو عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ أَبَى ذَلِكَ الْحَبْر يَعْنِي اِبْن عَبَّاس وَقَرَأَ " قُلْ لَا أَجِد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِم يَطْعَمهُ " الْآيَة وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ عَنْ سُفْيَان بِهِ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيث اِبْن جُرَيْج عَنْ عَمْرو بْن دِينَار وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مَعَ أَنَّهُ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ كَمَا رَأَيْت وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن مَرْدُوَيْهِ وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَلَى بْن دُحَيْم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن حَازِم حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم الْفَضْل بْن دُكَيْن حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن شَرِيك عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ أَبِي الشَّعْثَاء عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَأْكُلُونَ أَشْيَاء وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاء تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّه نَبِيّه وَأَنْزَلَ كِتَابه وَأَحَلَّ حَلَاله وَحَرَّمَ حَرَامه فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَال وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَام وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْو وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة" قُلْ لَا أَجِد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِم يَطْعَمهُ" الْآيَة وَهَذَا لَفْظ اِبْن مَرْدُوَيْهِ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ مُحَمَّد بْن دَاوُد بْن صُبَيْح عَنْ أَبِي نُعَيْم بِهِ وَقَالَ الْحَاكِم : هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَة عَنْ سِمَاك بْن حَرْب عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : مَاتَتْ شَاة لِسَوْدَةَ بِنْت زَمْعَة فَقَالَتْ : يَا رَسُول اللَّه مَاتَتْ فُلَانَة تَعْنِي الشَّاة قَالَ " فَلِمَ لَا أَخَذْتُمْ مِسْكهَا " قَالَتْ نَأْخُذ مِسْك شَاة قَدْ مَاتَتْ ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّمَا قَالَ اللَّه " قُلْ لَا أَجِد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِم يَطْعَمهُ إِلَّا أَنْ يَكُون مَيْتَة أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْم خِنْزِير " وَإِنَّكُمْ لَا تُطْعِمُونَهُ إِنْ تَدْبُغُوهُ فَتَنْتَفِعُوا بِهِ فَأَرْسَلَتْ فَسَلَخَتْ مَسْكهَا فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ قِرْبَة حَتَّى تَخَرَّقَتْ عِنْدهَا رَوَاهُ أَحْمَد وَرَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَالنَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث الشَّعْبِيّ عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ سَوْدَة بِنْت زَمْعَة بِذَلِكَ أَوْ نَحْوه وَقَالَ سَعِيد بْن مَنْصُور : حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز بْن مُحَمَّد عَنْ عِيسَى بْن نُمَيْلَة الْفَزَارِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : كُنْت عِنْد اِبْن عُمَر فَسَأَلَهُ رَجُل عَنْ أَكْل الْقُنْفُذ فَقَرَأَ عَلَيْهِ " قُلْ لَا أَجِد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّم عَلَى طَاعِم يَطْعَمهُ " الْآيَة فَقَالَ شَيْخ عِنْده : سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول : ذَكَرَ عِنْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خَبِيث مِنْ الْخَبَائِث فَقَالَ اِبْن عُمَر : إِنْ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ فَهُوَ كَمَا قَالَ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي ثَوْر عَنْ سَعِيد بْن مَنْصُور بِهِ . وَقَوْله تَعَالَى " فَمَنْ اُضْطُرَّ غَيْر بَاغٍ وَلَا عَادٍ " أَيْ فَمَنْ اُضْطُرَّ إِلَى أَكْل شَيْء مِمَّا حَرَّمَ اللَّه فِي هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَهُوَ غَيْر مُتَلَبِّس بِبَغْيٍ وَلَا عُدْوَان " فَإِنَّ رَبّك غَفُور رَحِيم " أَيْ غَفُور لَهُ رَحِيم بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة فِي سُورَة الْبَقَرَة بِمَا فِيهِ كِفَايَة وَالْغَرَض مِنْ سِيَاق هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة الرَّدّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اِبْتَدَعُوا مَا اِبْتَدَعُوهُ مِنْ تَحْرِيم الْمُحَرَّمَات عَلَى أَنْفُسهمْ بِآرَائِهِمْ الْفَاسِدَة مِنْ الْبَحِيرَة وَالسَّائِبَة وَالْوَصِيلَة وَالْحَام وَنَحْو ذَلِكَ فَأَمَرَ رَسُوله أَنْ يُخْبِرهُمْ أَنَّهُ لَا يَجِد فِيمَا أَوْحَاهُ اللَّه إِلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّم وَإِنَّمَا حَرَّمَ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَة مِنْ الْمَيْتَة وَالدَّم الْمَسْفُوح وَلَحْم الْخِنْزِير وَمَا أُهِلّ لِغَيْرِ اللَّه بِهِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَلَمْ يُحَرَّم وَإِنَّمَا هُوَ عَفْو مَسْكُوت عَنْهُ فَكَيْفَ تَزْعُمُونَ أَنْتُمْ أَنَّهُ حَرَام وَمِنْ أَيْنَ حَرَّمْتُمُوهُ وَلَمْ يُحَرِّمهُ اللَّه ؟ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَبْقَى تَحْرِيم أَشْيَاء أُخَر فِيمَا بَعْد هَذَا كَمَا جَاءَ النَّهْي عَنْ لُحُوم الْحُمُر الْأَهْلِيَّة وَلُحُوم السِّبَاع وَكُلّ ذِي مِخْلَب مِنْ الطَّيْر عَلَى الْمَشْهُور مِنْ مَذَاهِب الْعُلَمَاء .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • إقراء القرآن الكريم

    تبين هذه الرسالة منهج النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعلم القرآن وتعليمه، وشروط الإقراء وأساليبه وصفاته، وآداب المقرئ والقارئ. وقد ختمت الرسالة بالكلام عن آداب المقرئ والقارئ. ففي آداب المقرئ جرى بحث الموضوعات التالية: أخلاق المقرئ، وهيئة المقرئ أثناء الإقراء، والتسوية بين القراء، والرفق بالقارئ إذا أخطأ، وبكاء المقرئ لقراءة القارئ، ووعظ المقرئ للقارئ وإرشاده، وأخذ الأجرة على الإقراء. وفي آداب القارئ جرى بحث: أخلاق القارئ، وآداب القارئ مع المقرئ، وآداب القارئ مع أقرانه، وهيئة القارئ عند القراءة، والسجود عند قراءة آية السجدة، وأدب القارئ بعد الانتهاء من القراءة، وآداب ختم القرآن الكريم.

    الناشر: معهد الإمام الشاطبي http://www.shatiby.edu.sa

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/385698

    التحميل:

  • المنار المنيف في الصحيح والضعيف

    المنار المنيف في الصحيح والضعيف : لخص به الموضوعات لابن الجوزي - رحمه الله - تلخيصاً حسناً، وقعَّد لها قواعد وضوابط، فجاء الكتاب على صغره ولطافة حجمه جامعاً مفيداً متميِّزاً، كسائر كتب ابن القيم - رحمه الله -. وهذا الكتاب من خير ما ألف في الموضوعات ومن أجمعها علماً، وأصغرها حجماً وأحكمها ضوابط لمعرفة الحديث دون أن يُنْظَر في سنده. والكتاب يعرض جملة من الأحاديث الموضوعة، ويضيف إليها ضوابط وقواعد يعرف بها الحديث الموضوع من الحديث الصحيح، وهذا يفيد ذوي الاختصاص في الحديث، ويأخذ بيد المبتدئ لتكوين الملكة التي تساعده على التمييز بين أنواع الحديث صحيحه وضعيفه وموضوعه.

    المدقق/المراجع: يحيى بن عبد الله الثمالي

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265616

    التحميل:

  • التبيان في أيمان القرآن

    التبيان في أيمان القرآن : هذا الكتاب عظيم النفع، طيب الوقع، سال فيه قلم ابن القيم - رحمه الله - بالفوائد المحررة، والفرائد المبتكرة، حتى فاض واديه فبلغ الروابي، وملأ الخوابي، قصد فيه جمع ماورد في القرآن الكريم من الأيمان الربانية وما يتبعها من أجوبتها وغايتها وأسرارها، فبرع وتفنن، ثم قعد وقنن، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

    المدقق/المراجع: عبد الله بن سالم البطاطي

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265620

    التحميل:

  • إلا تنصروه فقد نصره الله

    إلا تنصروه فقد نصره الله : قال الكاتب - حفظه الله -: ونحن في هذه الرسالة نسعى لدراسة هذا التطاول على ديننا وعلى نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وما شابهه في القديم والحديث باحثين عن أسبابه ودوافعه الحقيقية، راصدين بعض صوره في السنوات الماضية محللين مواقف الأمة حيال الأزمة الأخيرة، خالصين في النهاية إلى وضع خطة عمل منهجية مدروسة؛ للتعامل مع هذا التطاول سواء ما وقع منه بالفعل، أو ما يمكن أن يقع في المستقبل والعياذ بالله، وسوف يكون لنا في سبيل تحقيق ذلك عدد من الوقفات.

    الناشر: مجلة البيان http://www.albayan-magazine.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/168867

    التحميل:

  • الحياء وأثره في حياة المسلم

    الحياء وأثره في حياة المسلم : في هذه الرسالة بيان فضل الحياء والحث على التخلق به وبيان أسبابه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209116

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة