Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة المنافقون - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ (1) (المنافقون) mp3
رَوَى الْبُخَارِيّ عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم قَالَ : كُنْت مَعَ عَمِّي فَسَمِعْت عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ اِبْن سَلُول يَقُول : " لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا " . وَقَالَ : " لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَن الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ " فَذَكَرْت ذَلِكَ لِعَمِّي فَذَكَرَ عَمِّي لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَأَرْسَلَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ وَأَصْحَابه فَحَلَفُوا مَا قَالُوا ; فَصَدَّقَهُمْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَنِي . فَأَصَابَنِي هَمّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْله , فَجَلَسْت فِي بَيْتِي فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " إِذَا جَاءَك الْمُنَافِقُونَ - إِلَى قَوْله - هُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه - إِلَى قَوْله - لَيُخْرِجَن الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ " فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّ اللَّه قَدْ صَدَّقَك ) خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيّ قَالَ : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . وَفِي التِّرْمِذِيّ عَنْ زَيْد بْن أَرْقَم قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَعَنَا أُنَاس مِنْ الْأَعْرَاب فَكُنَّا نَبْدُر الْمَاء , وَكَانَ الْأَعْرَاب يَسْبِقُونَا إِلَيْهِ فَيَسْبِق الْأَعْرَابِيّ أَصْحَابه فَيَمْلَأ الْحَوْض وَيَجْعَل حَوْل حِجَارَة , وَيَجْعَل النِّطْع عَلَيْهِ حَتَّى تَجِيءَ أَصْحَابه . قَالَ : فَأَتَى رَجُل مِنْ الْأَنْصَار أَعْرَابِيًّا فَأَرْخَى زِمَام نَاقَته لِتَشْرَب فَأَبَى أَنْ يَدَعهُ , فَانْتَزَعَ حَجَرًا فَغَاضَ الْمَاء ; فَرَفَعَ الْأَعْرَابِيّ خَشَبَة فَضَرَبَ بِهَا رَأْس الْأَنْصَارِيّ فَشَجَّهُ , فَأَتَى عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ رَأْس الْمُنَافِقِينَ فَأَخْبَرَهُ - وَكَانَ مِنْ أَصْحَابه - فَغَضِبَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ثُمَّ قَالَ : لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْد رَسُول اللَّه حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْله - يَعْنِي الْأَعْرَاب - وَكَانُوا يَحْضُرُونَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْد الطَّعَام ; فَقَالَ عَبْد اللَّه : إِذَا اِنْفَضُّوا مِنْ عِنْد مُحَمَّد فَأْتُوا مُحَمَّدًا بِالطَّعَامِ , فَلْيَأْكُلْ هُوَ وَمَنْ عِنْده . ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : لَئِنْ رَجَعْتُمْ إِلَى الْمَدِينَة لَيُخْرِجَن الْأَعَزّ مِنْهَا الْأَذَلّ . قَالَ زَيْد : وَأَنَا رِدْف عَمِّي فَسَمِعْت عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ فَأَخْبَرْت عَمِّي , فَانْطَلَقَ فَأَخْبَرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَفَ وَجَحَدَ . قَالَ : فَصَدَّقَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَنِي . قَالَ : فَجَاءَ عَمِّي إِلَيَّ فَقَالَ : مَا أَرَدْت إِلَى أَنْ مَقَتَك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَّبَك وَالْمُنَافِقُونَ . قَالَ : فَوَقَعَ عَلَيَّ مِنْ جُرْأَتهمْ مَا لَمْ يَقَع عَلَى أَحَد . قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا أَسِير مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَر قَدْ خَفَّفْت بِرَأْسِي مِنْ الْهَمّ إِذْ أَتَانِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي ; فَمَا كَانَ يَسُرّنِي أَنَّ لِي بِهَا الْخُلْد فِي الدُّنْيَا . ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْر لَحِقَنِي فَقَالَ : مَا قَالَ لَك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْت : مَا قَالَ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ عَرَكَ أُذُنِي وَضَحِكَ فِي وَجْهِي ; فَقَالَ أَبْشِرْ ! ثُمَّ لَحِقَنِي عُمَر فَقُلْت لَهُ مِثْل قَوْلِي لِأَبِي بَكْر . فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قَرَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَة الْمُنَافِقِينَ . قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيث حَسَن صَحِيح . وَسُئِلَ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان عَنْ الْمُنَافِق , فَقَالَ : الَّذِي يَصِف الْإِسْلَام وَلَا يَعْمَل بِهِ . وَهُوَ الْيَوْم شَرّ مِنْهُمْ عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْتُمُونَهُ وَهُمْ الْيَوْم يُظْهِرُونَهُ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ ) . وَعَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( أَرْبَع مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَة مِنْهُنَّ كَانَ فِيهِ خَصْلَة مِنْ النِّفَاق حَتَّى يَدَعهَا : إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ) . أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ مَنْ جَمَعَ هَذِهِ الْخِصَال كَانَ مُنَافِقًا , وَخَبَره صِدْق . وَرُوِيَ عَنْ الْحَسَن أَنَّهُ ذُكِرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيث فَقَالَ : إِنَّ بَنِي يَعْقُوب حَدَّثُوا فَكَذَبُوا وَوَعَدُوا فَأَخْلَفُوا وَاُؤْتُمِنُوا فَخَانُوا . إِنَّمَا هَذَا الْقَوْل مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبِيل الْإِنْذَار لِلْمُسْلِمِينَ , وَالتَّحْذِير لَهُمْ أَنْ يَعْتَادُوا هَذِهِ الْخِصَال ; شَفَقًا أَنْ تَقْضِيَ بِهِمْ إِلَى النِّفَاق . وَلَيْسَ الْمَعْنَى : أَنَّ مَنْ بَدَرَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْخِصَال مِنْ غَيْر اِخْتِيَار وَاعْتِيَاد أَنَّهُ مُنَافِق . وَقَدْ مَضَى فِي سُورَة " التَّوْبَة " الْقَوْل فِي هَذَا مُسْتَوْفًى وَالْحَمْد لِلَّهِ . وَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْمُؤْمِن إِذَا حَدَّثَ صَدَقَ وَإِذَا وَعَدَ أَنْجَزَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ وَفَّى ) . وَالْمَعْنَى : الْمُؤْمِن الْكَامِل إِذَا حَدَّثَ صَدَقَ . وَاَللَّه أَعْلَم .

قِيلَ : مَعْنَى " نَشْهَد " نَحْلِف . فَعَبَّرَ عَنْ الْحَلِف بِالشَّهَادَةِ ; لِأَنَّ كُلّ وَاحِد مِنْ الْحَلِف وَالشَّهَادَة إِثْبَات لِأَمْرٍ مُغَيَّب ; وَمِنْهُ قَوْل قَيْس بْن ذُرَيْح . وَأَشْهَد عِنْد اللَّه أَنِّي أُحِبّهَا فَهَذَا لَهَا عِنْدِي فَمَا عِنْدهَا لِيَا وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون ذَلِكَ مَحْمُولًا عَلَى ظَاهِره أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِعْتِرَافًا بِالْإِيمَانِ وَنَفْيًا لِلنِّفَاقِ عَنْ أَنْفُسهمْ , وَهُوَ الْأَشْبَه .

كَمَا قَالُوهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ .

أَيْ فِيمَا أَظْهَرُوا مِنْ شَهَادَتهمْ وَحَلِفهمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ .

وَقَالَ الْفَرَّاء : " وَاَللَّه يَشْهَد إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ " بِضَمَائِرِهِمْ , فَالتَّكْذِيب رَاجِع إِلَى الضَّمَائِر . وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَان تَصْدِيق الْقَلْب , وَعَلَى أَنَّ الْكَلَام الْحَقِيقِيّ كَلَام الْقَلْب . وَمَنْ قَالَ شَيْئًا وَاعْتَقَدَ خِلَافه فَهُوَ كَاذِب . وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي أَوَّل " الْبَقَرَة " مُسْتَوْفًى وَقِيلَ : أَكْذَبَهُمْ اللَّه فِي أَيْمَانهمْ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى : " يَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ " [ التَّوْبَة : 56 ] .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تلخيص كتاب الصيام من الشرح الممتع

    يقول المؤلف: هذا ملخص في كتاب الصيام (( للشرح الممتع على زاد المستقنع )) للشيخ العلامه ابن عثيمين رحمه الله، وقد اقتصرت فيه على القول الراجح أو ما يشير إليه الشيخ رحمه الله أنه الراجح، مع ذكر اختيار شيخ الإسلام أو أحد المذاهب الأربعه، إذا كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى ترجيحه، مع ذكر المتن وتوضيح ذلك إذا احتجنا لتوضيحه، ومع ذكر بعض المسائل والفوائد المكمله للباب للشيخ رحمه الله، وذكر استدراكاته على المتن إن كان هناك استدراكات.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/286177

    التحميل:

  • إرشادات وفتاوى وفوائد ومسائل يحتاج إليها الصائم

    إرشادات وفتاوى وفوائد ومسائل يحتاج إليها الصائم : قال المؤلف - رحمه الله -: « فقد طلب مني من تعينت إجابته إعداد رسالة تتضمن أحكام صيام المجاهدين والمرابطين وغيرهم من المسلمين الصائمين فاستعنت بالله وأجبته إلى ذلك. وأعددت هذه الرسالة المتضمنة إرشادات للصائم في أحكام الصيام وصلاة التراويح. وما يخص العشر الأواخر من التهجد والاعتكاف وليلة القدر، وأحكام زكاة الفطر. كما تضمنت جملة فتاوى من فتاوى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصوم. كما اشتملت هذه الرسالة على حكم صيام المجاهدين والمسافرين للجهاد وغيره ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/231260

    التحميل:

  • صفة العمرة

    صفة العمرة: قال المؤلف: فهذه رسالة لطيفة نافعة في (صفة العُمْرة مِن الإحْرام حَتى التَّحلل) مع أدعية مختارة من القرآن والسنة. وقد جمعناها تحقيقاً وامتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم كل مسلم ومسلمة بأخذ مناسك الحج والعمرة عنه. وقد أخذناها من كتابنا الجامع (مُخْتصَرُ الفقه الإسْلاميّ) وأفردناها لأهميتها ، وحاجة كل حاج ومعتمر إلى معرفتها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/380416

    التحميل:

  • توبة الأمة

    توبة الأمة : فإن الأمة تمر بأحوال غريبة، وأهوال عصيبة، فالخطوب تحيط بها، والأمم من كل مكان تتداعى عليها. وإن مما يلفت النظر في هذا الشأن غفلة الأمة عن التوبة؛ فإذا تحدث متحدث عن التوبة تبادر إلى الذهن توبة الأفراد فحسب، أما توبة الأمة بعامة فقلَّ أن تخطر بالبال، وفي هذا الكتيب توضيح لهذا المعنى الغائب.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172576

    التحميل:

  • بر الوالدين في ضوء الكتاب والسنة

    بر الوالدين في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «بر الوالدين» بيَّنت فيها: مفهوم بر الوالدين، لغةً واصطلاحًا، ومفهوم عقوق الوالدين لغةً واصطلاحًا، ثم ذكرت الأدلة من الكتاب والسنة الدالة على وجوب بر الوالدين، وتحريم عقوقهما، ثم ذكرت أنواع البر التي يوصل بها الوالدان بعد موتهما».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/276146

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة