Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنبياء - الآية 79

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ ۚ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) (الأنبياء) mp3
وَقَوْله " فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَان وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا حَمَّاد عَنْ حُمَيْد أَنَّ إِيَاس اِبْن مُعَاوِيَة لَمَّا اِسْتَقْضَى أَتَاهُ الْحَسَن فَبَكَى فَقَالَ مَا يُبْكِيك ؟ قَالَ يَا أَبَا سَعِيد بَلَغَنِي أَنَّ الْقُضَاة رَجُل اِجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَهُوَ فِي النَّار وَرَجُل مَالَ بِهِ الْهَوَى فَهُوَ فِي النَّار وَرَجُل اِجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَهُوَ فِي الْجَنَّة فَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ : إِنَّ فِيمَا قَصَّ اللَّه مِنْ نَبَأ دَاوُد وَسُلَيْمَان عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْأَنْبِيَاء حُكْمًا يَرُدّ قَوْل هَؤُلَاءِ النَّاس عَنْ قَوْلهمْ قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَدَاوُد وَسُلَيْمَان إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْث إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَم الْقَوْم وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ " فَأَثْنَى اللَّه عَلَى سُلَيْمَان وَلَمْ يَذُمّ دَاوُد ثُمَّ قَالَ يَعْنِي الْحَسَن إِنَّ اللَّه اِتَّخَذَ عَلَى الْحُكَّام ثَلَاثًا لَا يَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا وَلَا يَتَّبِعُوا فِيهِ الْهَوَى وَلَا يَخْشَوْا فِيهِ أَحَدًا ثُمَّ تَلَا " يَا دَاوُد إِنَّا جَعَلْنَاك خَلِيفَة فِي الْأَرْض فَاحْكُمْ بَيْن النَّاس بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِع الْهَوَى فَيُضِلّك عَنْ سَبِيل اللَّه " وَقَالَ " فَلَا تَخْشَوْا النَّاس وَاخْشَوْنِ " وَقَالَ " وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا " قُلْت أَمَّا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِمْ السَّلَام فَكُلّهمْ مَعْصُومُونَ مُؤَيَّدُونَ مِنْ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَاف فِيهِ بَيْن الْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف وَأَمَّا مَنْ سِوَاهُمْ فَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ عَمْرو بْن الْعَاص أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه " صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " : " إِذَا اِجْتَهَدَ الْحَاكِم فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وَإِذَا اِجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْر " فَهَذَا الْحَدِيث يَرُدّ نَصًّا مَا تَوَهَّمَهُ إِيَاس مِنْ أَنَّ الْقَاضِي إِذَا اِجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَهُوَ فِي النَّار وَاَللَّه أَعْلَم وَفِي السُّنَن : الْقُضَاة ثَلَاثَة قَاضٍ فِي الْجَنَّة وَقَاضِيَانِ فِي النَّار رَجُل عَلِمَ الْحَقّ وَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّة وَرَجُل حَكَمَ بَيْن النَّاس عَلَى جَهْل فَهُوَ فِي النَّار وَرَجُل عَلِمَ الْحَقّ وَقَضَى خِلَافه فَهُوَ فِي النَّار وَقَرِيب مِنْ هَذِهِ الْقِصَّة الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن مَا رَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده حَيْثُ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن حَفْص أَخْبَرَنَا وَرْقَاء عَنْ أَبِي الزِّنَاد عَنْ الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول اللَّه " صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " " بَيْنَمَا اِمْرَأَتَانِ مَعَهُمَا اِبْنَانِ لَهُمَا إِذْ جَاءَ الذِّئْب فَأَخَذَ أَحَد الِابْنَيْنِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُد فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا فَدَعَاهُمَا سُلَيْمَان فَقَالَ هَاتُوا السِّكِّين أَشُقّهُ بَيْنكُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى يَرْحَمك اللَّه هُوَ اِبْنهَا لَا تَشُقّهُ فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى " وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم فِي صَحِيحَيْهِمَا وَبَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيّ فِي كِتَاب الْقُضَاة " بَاب الْحَاكِم يُوهِم خِلَاف الْحُكْم لِيَسْتَعْلِم الْحَقّ " وَهَكَذَا الْقِصَّة الَّتِي أَوْرَدَهَا الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم بْن عَسَاكِر فِي تَرْجَمَة سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ تَارِيخه عَنْ طَرِيق الْحَسَن بْن سُفْيَان عَنْ صَفْوَان بْن صَالِح عَنْ الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ سَعِيد بْن بِشْر عَنْ قَتَادَة عَنْ مُجَاهِد عَنْ اِبْن عَبَّاس فَذَكَرَ قِصَّة مُطَوَّلَة مُلَخَّصهَا أَنَّ اِمْرَأَة حَسْنَاء فِي زَمَان بَنِي إِسْرَائِيل رَاوَدَهَا عَنْ نَفْسهَا أَرْبَعَة مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَامْتَنَعَتْ عَلَى كُلّ مِنْهُمْ فَاتَّفَقُوا فِيمَا بَيْنهمْ عَلَيْهَا فَشَهِدُوا عِنْد دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسهَا كَلْبًا لَهَا قَدْ عَوَّدَتْهُ ذَلِكَ مِنْهَا فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّة ذَلِكَ الْيَوْم جَلَسَ سُلَيْمَان وَاجْتَمَعَ مَعَهُ وَلَدَانِ مِثْله فَانْتَصَبَ حَاكِمًا وَتَزَيَّا أَرْبَعَة مِنْهُمْ بِزِيِّ أُولَئِكَ وَآخَر بِزِيِّ الْمَرْأَة وَشَهِدُوا عَلَيْهَا بِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسهَا كَلْبًا فَقَالَ سُلَيْمَان فَرِّقُوا بَيْنهمْ فَسَأَلَ أَوَّلهمْ مَا كَانَ لَوْن الْكَلْب فَقَالَ أَسْوَد فَعَزَلَهُ وَاسْتَدْعَى الْآخَر فَسَأَلَهُ عَنْ لَوْنه فَقَالَ أَحْمَر وَقَالَ الْآخَر أَغْبَش وَقَالَ الْآخَر أَبْيَض فَأَمَرَ عِنْد ذَلِكَ بِقَتْلِهِمْ فَحُكِيَ ذَلِكَ لِدَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام فَاسْتَدْعَى مِنْ فَوْره بِأُولَئِكَ الْأَرْبَعَة فَسَأَلَهُمْ مُتَفَرِّقِينَ عَنْ لَوْن ذَلِكَ الْكَلْب فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ وَقَوْله " وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُد الْجِبَال يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْر" الْآيَة وَذَلِكَ لِطِيبِ صَوْته بِتِلَاوَةِ كِتَابه الزَّبُور وَكَانَ إِذَا تَرَنَّمَ بِهِ تَقِف الطَّيْر فِي الْهَوَاء فَتُجَاوِبهُ وَتَرُدّ عَلَيْهِ الْجِبَال تَأْوِيبًا وَلِهَذَا لَمَّا مَرَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَهُوَ يَتْلُو الْقُرْآن مِنْ اللَّيْل وَكَانَ لَهُ صَوْت طَيِّب جِدًّا فَوَقَفَ وَاسْتَمَعَ لِقِرَاءَتِهِ وَقَالَ : لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِير آلِ دَاوُد " قَالَ يَا رَسُول اللَّه لَوْ عَلِمْت أَنَّك تَسْتَمِع لَحَبَّرْته لَك تَحْبِيرًا وَقَالَ أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ مَا سَمِعْت صَوْت صَنْج وَلَا بَرْبَط وَلَا مِزْمَار مِثْل صَوْت أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَمَعَ هَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " لَقَدْ أُوتِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِير آلِ دَاوُد" .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • وأحسن كما أحسن الله إليك

    وأحسن كما أحسن الله إليك: قال المصنف - حفظه الله -: «تعتري الإنسان في هذه الدنيا هموم وغموم وكرب ومصائب؛ يحتاج فيها إلى الأخ المعين والصديق المخلص، والموفق من سخره الله - عز وجل - في خدمة إخوانه وكشف كربهم ورفع ما نزل بهم. ولا يظن أن تفريج الكرب والإحسان إلى الناس خاص بأصحاب المال والجدة والجاه والحسب والنسب، فكل لديه هموم وعنده من الغموم. وفي هذا الكتيب جملة من أعمال البر والإحسان».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229626

    التحميل:

  • رحمة للعالمين: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم

    رحمة للعالمين: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: كتابٌ ألَّفه الشيخ القحطاني - حفظه الله - في سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمه إلى ثلاثٍ وثلاثين مبحثًا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ونشأته، وصفاته الخَلْقية والخُلُقية، ومعجزاته، ووفاته، وختم الكتاب بذكر حقوقه - صلى الله عليه وسلم - على أمته.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2164

    التحميل:

  • العلم فضله وآدابه ووسائله

    العلم فضله وآدابه ووسائله: رسالة في بيان المراد بالعلم وذكر حكمه وأهمية العلم الذي يحتاج إلى تعلمه وكيفية التعلم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1955

    التحميل:

  • هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب في تبيين متشابه الكتاب

    هداية المرتاب وغاية الحفاظ والطلاب في تبيين متشابه الكتاب، للعلامة علم الدين أبو الحسن علي بن محمد السخاوي - رحمه الله - : هو متن يساعد حُفاظ القرآن الكريم على ضبط حفظهم؛ فيضع قواعد لمتشابه الألفاظ، مما يُمكِّنهم من الإتقان دون مشقة كبيرة - إن شاء الله -، وتعتبر هذه المنظومة من أجمع ما نظم وكتب في هذا الموضوع، على سلاسة في نظمها، وظهور في معانيها ومقاصدها، وحسن في أدائها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/289513

    التحميل:

  • شرح الفتوى الحموية الكبرى [ خالد المصلح ]

    الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى : رسالة عظيمة في تقرير مذهب السلف في صفات الله - جل وعلا - كتبها سنة (698هـ) جواباً لسؤال ورد عليه من حماة هو: « ما قول السادة الفقهاء أئمة الدين في آيات الصفات كقوله تعالى: ﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾ وقوله ( ثم استوى على العرش ) وقوله تعالى: ﴿ ثم استوى إلى السماء وهي دخان ﴾ إلى غير ذلك من الآيات، وأحاديث الصفات كقوله - صلى الله عليه وسلم - { إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن } وقوله - صلى الله عليه وسلم - { يضع الجبار قدمه في النار } إلى غير ذلك، وما قالت العلماء فيه، وابسطوا القول في ذلك مأجورين إن شاء الله تعالى ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/322214

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة