Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 186

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186) (آل عمران) mp3
قَوْله تَعَالَى " لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالكُمْ وَأَنْفُسكُمْ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْف وَالْجُوع وَنَقْصٍ مِنْ الْأَمْوَال وَالْأَنْفُس وَالثَّمَرَات " إِلَى آخِر الْآيَتَيْنِ . أَيْ لَا بُدّ أَنْ يُبْتَلَى الْمُؤْمِن فِي شَيْء مِنْ مَاله أَوْ نَفْسه أَوْ وَلَده أَوْ أَهْله وَيُبْتَلَى الْمُؤْمِن عَلَى قَدْر دِينه فَإِنْ كَانَ فِي دِينه صَلَابَة زِيدَ فِي الْبَلَاء " وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا " يَقُول تَعَالَى لِلْمُؤْمِنِينَ عِنْد مَقْدَمهمْ الْمَدِينَة قَبْل وَقْعَة بَدْر مُسَلِّيًا لَهُمْ عَمَّا يَنَالهُمْ مِنْ الْأَذَى مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَالْمُشْرِكِينَ وَآمِرًا لَهُمْ بِالصَّفْحِ وَالصَّبْر وَالْعَفْو حَتَّى يُفَرِّج اللَّه فَقَالَ تَعَالَى " وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُور " قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَان حَدَّثَنَا شُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي عُرْوَة بْن الزُّبَيْر أَنَّ أُسَامَة بْن زَيْد أَخْبَرَهُ قَالَ : كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْل الْكِتَاب كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّه وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا " قَالَ : وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّل فِي الْعَفْو مَا أَمَرَهُ اللَّه بِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّه فِيهِمْ هَكَذَا ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا . وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيّ عِنْد تَفْسِير هَذِهِ الْآيَة مُطَوَّلًا فَقَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَان أَنْبَأَنَا شُعَيْب عَنْ الزُّهْرِيّ أَخْبَرَنِي عُرْوَة بْن الزُّبَيْر أَنَّ أُسَامَة بْن زَيْد حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكِبَ عَلَى حِمَار عَلَيْهِ قَطِيفَة فَدَكِيَّة وَأَرْدَفَ أُسَامَة بْن زَيْد وَرَاءَهُ يَعُود سَعْد بْن عُبَادَة بِبَنِي الْحَارِث بْن الْخَزْرَج قَبْل وَقْعَة بَدْر حَتَّى مَرَّ عَلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول وَذَلِكَ قَبْل أَنْ يُسْلِم اِبْن أُبَيّ وَإِذَا فِي الْمَجْلِس أَخْلَاط مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَة الْأَوْثَان وَأَهْل الْكِتَاب الْيَهُود وَالْمُسْلِمِينَ وَفِي الْمَجْلِس عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة فَلَمَّا غَشِيَتْ الْمَجْلِس عَجَاجَة الدَّابَّة خَمَّرَ عَبْد اللَّه بْن أَبِي أَنْفَه بِرِدَائِهِ وَقَالَ : لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا فَسَلَّمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ وَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآن فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ : أَيّهَا الْمَرْء إِنَّهُ لَا أَحْسَن مِمَّا تَقُول إِنْ كَانَ حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ فِي مَجَالِسنَا اِرْجِعْ إِلَى رَحْلك فَمَنْ جَاءَك فَاقْصُصْ عَلَيْهِ فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بَلَى يَا رَسُول اللَّه فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسنَا فَإِنَّا نُحِبّ ذَلِكَ فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُود حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ فَلَمْ يَزَلْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّضهُمْ حَتَّى سَكَتُوا ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَابَّته فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْد بْن عُبَادَة فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا سَعْد أَلَمْ تَسْمَع إِلَى مَا قَالَ أَبُو حُبَاب " يُرِيد عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ سَعْد : يَا رَسُول اللَّه اُعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ فَوَاَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْك الْكِتَاب لَقَدْ جَاءَك اللَّه بِالْحَقِّ الَّذِي نَزَلَ عَلَيْك وَلَقَدْ اِصْطَلَحَ أَهْل هَذِهِ الْبُحَيْرَة عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيَعْصِبُوهُ بِالْعِصَابَةِ فَلَمَّا أَبَى اللَّه ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاك اللَّه شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ الَّذِي فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْت فَعَفَا عَنْهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه يَعْفُونَ عَنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْل الْكِتَاب كَمَا أَمَرَهُمْ اللَّه وَيَصْبِرُونَ عَلَى الْأَذَى قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا " الْآيَة - وَقَالَ تَعَالَى " وَدَّ كَثِير مِنْ أَهْل الْكِتَاب لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْد إِيمَانكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْد أَنْفُسهمْ مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقّ فَاعْفُوَا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّه بِأَمْرِهِ " الْآيَة . وَكَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَأَوَّل فِي الْعَفْو مَا أَمَرَهُ اللَّه بِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّه لَهُ فِيهِمْ فَلَمَّا غَزَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدْرًا فَقَتَلَ اللَّه بِهِ صَنَادِيد كُفَّار قُرَيْش قَالَ عَبْد اللَّه بْن أُبَيّ ابْن سَلُول وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَعَبَدَة الْأَوْثَان : هَذَا أَمْر قَدْ تَوَجَّهَ فَبَايِعُوا الرَّسُول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْإِسْلَام فَبَايَعُوا وَأَسْلَمُوا - فَكُلّ مَنْ قَامَ بِحَقٍّ أَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ فَلَا بُدّ أَنْ يُؤْذَى فَمَا لَهُ دَوَاء إِلَّا الصَّبْر فِي اللَّه وَالِاسْتِعَانَة بِاَللَّهِ وَالرُّجُوع إِلَى اللَّه .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • آية التطهير وعلاقتها بعصمة الأئمة

    آية التطهير وعلاقتها بعصمة الأئمة : فإن الشيعة تعتقد بـعصمة مجموعة من الأشخاص تسميهم الأئمة، وهذه العقيدة هي أساس الدين عندهم، وقد احتجوا لعقيدتهم هذه ببعض آيات من القرآن الكريم، أقواها دلالة عندهم وأكثرها تداولاً على ألسنتهم جزء من آية أطلقوا عليه اسم [ آية التطهير ]، وهي آخر قوله تعالى: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً } (الأحزاب:33). وقد ألفت هذه الرسالة المختصرة أناقش فيها مناقشة علمية هادئة علاقة هذه الآية بتلك العقيدة، متبعاً فيها المنهج القرآني في طرحه لأصول العقيدة وإثباتها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/137711

    التحميل:

  • مفحمات الأقران في مبهمات القرآن

    مفحمات الأقران في مبهمات القرآن : فإن من علوم القرآن التي يجب الاعتناء بها معرفة مبهماته وقد هتف ابن العساكر بكتابه المسمى بـ ‏ « ‏التكميل والإتمام‏ »‏‏.‏ وجمع القاضي بينهما القاضي بدر الدين ابن جماعة في كتاب سماه ‏ « ‏التبيان في مبهمات القرآن ‏»‏‏.‏ وهذا كتاب يفوق الكتب الثلاثة بما حوى من الفوائد والزوائد وحسن الإيجاز وعزو كل القول إلى من قاله مخرجا من كتب الحديث والتفاسير المسندة فإن ذلك أدعى لقبوله وأقع في النفس‏، فإن لم أقف عليه مسندا عزوته إلى قائله من المفسرين والعلماء وقد سميته ‏ « ‏مفحمات الأقران في مبهمات القرآن ‏»‏‏.‏

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/141392

    التحميل:

  • النكاح ثمراته وفوائده

    الزواج أمر تقتضيه الفطرة قبل أن تحث عليه الشريعة وتتطلبه الطباع السليمة والفطرة المستقيمة؛ لأنه حصانة وابتهاج، وسكن وأنس واندماج، به تتعارف القبائل، وتقوى الأواصر، وهو آية من آيات الله وسنة من سنن رسله، ولكن الزواج في هذا العصر أضحى مشكلة اجتماعية خطيرة، تستوجب الحلول السريعة؛ وذلك بسبب ما يحدث من العقبات والعراقيل من العادات والظواهر السيئة التي تحول دون الزواج، وفي هذه الرسالة بيان لبعض ثمرات وفوائد النكاح.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66476

    التحميل:

  • الغلو في التكفير بين أهل السنة والجماعة وغلاة الشيعة الاثني عشرية

    الغلو في التكفير بين أهل السنة والجماعة وغلاة الشيعة الاثني عشرية: رسالةٌ عقد فيها المؤلف مقارنةً بين أهل السنة والجماعة والشيعة الاثني عشرية في التكفير، وبيَّن من هو المُكفِّر بعلمٍ على ضوء من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ومن الذي أسرف في التكفير واتهم المسلمين بلا علم!! وقد جعله في ثلاثة فصول وخاتمة: الفصل الأول: في خطورة التكفير، وحرمة القول فيه بلا علم. الفصل الثاني: في بيان ضوابط وقواعد التكفير عند أهل السنة والجماعة. الفصل الثالث: في ذكر أقوال ونصوص علماء غلاة الشيعة الاثني عشرية في تكفير المخالف لهم. - قدَّم للكتاب: فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم السعيدي - حفظه الله - رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بجامعة أم القرى.

    الناشر: الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب www.aqeeda.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/333192

    التحميل:

  • لماذا تدخن؟

    لماذا تدخن؟: فإن التدخين وباءٌ خطير، وشر مستطير، وبلاء مدمر، أضرارُه جسيمةٌ، وعواقبه وخيمة، وبيعه وترويجه جريمةٌ أيما جريمة، وقد وقع في شَرَكِهِ فئام من الناس، فغدا بألبابهم، واستولى على قلوبهم، فعزَّ عليهم تركُه، وصعب في نفوسهم أن يتخلصوا من أسْره، وفي هذه الرسالة حث للمدخنين على تركه.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172575

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة