Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة النساء - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) (النساء) mp3
سُورَة النِّسَاء قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس : نَزَلَتْ سُورَة النِّسَاء بِالْمَدِينَةِ . وَكَذَا رَوَى اِبْن مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر وَزَيْد بْن ثَابِت وَرَوَى مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن لَهِيعَة عَنْ أَخِيهِ عِيسَى عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ سُورَة النِّسَاء قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا حَبْس " وَقَالَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه : حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بْن يَعْقُوب حَدَّثَنَا أَبُو الْبَخْتَرِيّ عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد شَاكِر حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بِشْر الْعَبْدِيّ حَدَّثَنَا مِسْعَر بْن كِدَام عَنْ مَعْن بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : إِنَّ فِي سُورَة النِّسَاء لَخَمْس آيَات مَا يَسُرّنِي أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " إِنَّ اللَّه لَا يَظْلِم مِثْقَال ذَرَّة " الْآيَة , وَ " إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ " الْآيَة و" إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء " وَ " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسهمْ جَاءُوك " الْآيَة ثُمَّ قَالَ : هَذَا إِسْنَاد صَحِيح إِنْ كَانَ عَبْد الرَّحْمَن سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ . وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ رَجُل عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ : خَمْس آيَات مِنْ النِّسَاء لَهُنَّ أَحَبّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا جَمِيعًا " إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِر مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّر عَنْكُمْ سَيِّئَاتكُمْ " وَقَوْله " وَإِنْ تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا " وَقَوْله " إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرَك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء " وَقَوْله " وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه ثُمَّ يَسْتَغْفِر اللَّه يَجِد اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا " رَوَاهُ اِبْن جَرِير . ثُمَّ رَوَى مِنْ طَرِيق صَالِح الْمُرِّيّ عَنْ قَتَادَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : ثَمَانِي آيَات نَزَلَتْ فِي سُورَة النِّسَاء خَيْر لِهَذِهِ الْأُمَّة مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْس وَغَرَبَتْ أَوَّلهنَّ " يُرِيد اللَّه لِيُبَيِّن لَكُمْ وَيَهْدِيكُمْ سُنَن الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ وَيَتُوب اللَّه عَلَيْكُمْ وَاَللَّه عَلِيم حَكِيم " وَالثَّانِيَة " وَاَللَّه يُرِيد أَنْ يَتُوب عَلَيْكُمْ وَيُرِيد الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَات أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا" وَالثَّالِثَة " يُرِيد اللَّه أَنْ يُخَفِّف عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَان ضَعِيفًا " ثُمَّ ذَكَرَ قَوْل اِبْن مَسْعُود سَوَاء يَعْنِي فِي الْخَمْسَة الْبَاقِيَة - وَرَوَى الْحَاكِم مِنْ طَرِيق أَبِي نُعَيْم عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن أَبِي يَزِيد عَنْ اِبْن أَبِي مُلَيْكَة سَمِعْت اِبْن عَبَّاس يَقُول : سَلُونِي عَنْ سُورَة النِّسَاء فَإِنِّي قَرَأْت الْقُرْآن وَأَنَا صَغِير ثُمَّ قَالَ : هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . يَقُول تَعَالَى آمِرًا خَلْقه بِتَقْوَاهُ وَهِيَ عِبَادَته وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَمُنَبِّهًا لَهُمْ عَلَى قُدْرَته الَّتِي خَلَقَهُمْ بِهَا مِنْ نَفْس وَاحِدَة وَهِيَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام " وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجهَا " وَهِيَ حَوَّاء عَلَيْهَا السَّلَام خُلِقَتْ مِنْ ضِلْعه الْأَيْسَر مِنْ خَلْفه وَهُوَ نَائِم فَاسْتَيْقَظَ فَرَآهَا فَأَعْجَبَتْهُ فَأَنِسَ إِلَيْهَا وَأَنِسَتْ إِلَيْهِ . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُقَاتِل حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ أَبِي هِلَال عَنْ قَتَادَة عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : خُلِقَتْ الْمَرْأَة مِنْ الرَّجُل فَجُعِلَتْ نَهْمَتهَا فِي الرَّجُل وَخُلِقَ الرَّجُل مِنْ الْأَرْض فَجُعِلَتْ نَهْمَته فِي الْأَرْض فَاحْبِسُوا نِسَاءَكُمْ . وَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح " إِنَّ الْمَرْأَة خُلِقَتْ مِنْ ضِلَع وَإِنَّ أَعْوَج شَيْء فِي الضِّلَع أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْت تُقِيمهُ كَسَرْته وَإِنْ اِسْتَمْتَعْت بِهَا اِسْتَمْتَعْت بِهَا وَفِيهَا عِوَج " وَقَوْله " وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء " أَيْ وَذَرَأَ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ آدَم وَحَوَّاء رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَنَشَرَهُمْ فِي أَقْطَار الْعَالَم عَلَى اِخْتِلَاف أَصْنَافهمْ وَصِفَاتهمْ وَأَلْوَانهمْ وَلُغَاتهمْ ثُمَّ إِلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ الْمَعَاد وَالْمَحْشَر . ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَام " أَيْ وَاتَّقُوا اللَّه بِطَاعَتِكُمْ إِيَّاهُ قَالَ إِبْرَاهِيم وَمُجَاهِد وَالْحَسَن " الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ " أَيْ كَمَا يُقَال أَسْأَلك بِاَللَّهِ وَبِالرَّحِمِ . وَقَالَ الضَّحَّاك : وَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي تَعَاقَدُونَ وَتَعَاهَدُونَ بِهِ وَاتَّقُوا الْأَرْحَام أَنْ تَقْطَعُوهَا وَلَكِنْ بِرُّوهَا وَصِلُوهَا قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَالضَّحَّاك وَالرَّبِيع وَغَيْر وَاحِد . وَقَرَأَ بَعْضهمْ " وَالْأَرْحَام " بِالْخَفْضِ عَلَى الْعَطْف عَلَى الضَّمِير فِي بِهِ أَيْ تَسَاءَلُونَ بِاَللَّهِ وَبِالْأَرْحَامِ كَمَا قَالَ مُجَاهِد وَغَيْره . وَقَوْله " إِنَّ اللَّه كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " أَيْ هُوَ مُرَاقِب لِجَمِيعِ أَحْوَالكُمْ وَأَعْمَالكُمْ كَمَا قَالَ " وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد " . وَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح " اُعْبُدْ اللَّه كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك " وَهَذَا إِرْشَاد وَأَمْر بِمُرَاقَبَةِ الرَّقِيب . وَلِهَذَا ذَكَرَ تَعَالَى أَنَّ أَصْل الْخَلْق مِنْ أَب وَاحِد وَأُمّ وَاحِدَة لِيَعْطِف بَعْضهمْ عَلَى بَعْض وَيَحُثّهُمْ عَلَى ضُعَفَائِهِمْ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث جَرِير بْن عَبْد اللَّه الْبَجَلِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين قَدِمَ عَلَيْهِ أُولَئِكَ النَّفَر مِنْ مُضَر - . وَهُمْ مُجْتَابُو النِّمَار أَيْ مِنْ عُرْيهمْ وَفَقْرهمْ - قَامَ فَخَطَبَ النَّاس بَعْد صَلَاة الظُّهْر فَقَالَ فِي خُطْبَته " يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْس وَاحِدَة حَتَّى خَتَمَ الْآيَة. ثُمَّ قَالَ " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اِتَّقُوا اللَّه وَلْتَنْظُرْ نَفْس مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ " ثُمَّ حَضَّهُمْ عَلَى الصَّدَقَة فَقَالَ " تَصَدَّقَ رَجُل مِنْ دِينَاره مِنْ دِرْهَمه مِنْ صَاع بُرّه مِنْ صَاع تَمْره " . وَذَكَرَهُ تَمَام الْحَدِيث وَهَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَد وَأَهْل السُّنَن عَنْ اِبْن مَسْعُود فِي خُطْبَة الْحَاجَة وَفِيهَا ثُمَّ يَقْرَأ ثَلَاث آيَات هَذِهِ مِنْهَا " يَا أَيّهَا النَّاس اِتَّقُوا رَبّكُمْ " الْآيَة .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • القابضات على الجمر

    القابضات على الجمر: قال المؤلف - حفظه الله -: «فهذه رسالة .. إلى القابضات على الجمر .. رسالة .. إلى أولئك الفتيات الصالحات .. والنساء التقيات .. حديثٌ .. إلى اللاتي شرفهن الله بطاعته .. وأذاقهن طعم محبّته .. إلى حفيدات خديجة وفاطمة .. وأخوات حفصة وعائشة .. هذه أحاسيس .. أبثها .. إلى من جَعَلن قدوتهن أمهات المؤمنين .. وغايتهن رضا رب العالمين .. إلى اللاتي طالما دعتهن نفوسهن إلى الوقوع في الشهوات .. ومشاهدة المحرمات .. وسماع المعازف والأغنيات .. فتركن ذلك ولم يلتفتن إليه .. مع قدرتهن عليه .. خوفًا من يوم تتقلَّب فيه القلوب والأبصار .. هذه وصايا .. إلى الفتيات العفيفات .. والنساء المباركات .. اللاتي يأمرن بالمعروف .. وينهين عن المنكر .. ويصبرن على ما يصيبهن .. هذه همسات .. إلى حبيبة الرحمن .. التي لم تجعل همها في القنوات .. ومتابعة آخر الموضات .. وتقليب المجلات .. وإنما جعلت الهموم همًّا واحدًا هو: هم الآخرة .. هذه رسالة .. إلى تلك المؤمنة العفيفة التي كلما كشَّر الفساد حولها عن أنيابه .. رفعت بصرها إلى السماء وقالت: اللهم يا مُقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك .. هذه رسالة .. إلى القابضات على الجمر اللاتي قال فيهن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي على الناس زمان يكون فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر».

    الناشر: موقع الشيخ العريفي www.arefe.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/333196

    التحميل:

  • أحكام الجمعة والعيدين والأضحية

    في هذه الرسالة بيان بعض أحكام الجمعة والعيدين والأضحية وبعض فضائل عشر ذي الحجة ويوم عرفة وفضل العمل الصالح فيه وفضل أيام التشريق وأنواع الأذكار المشروعة فيها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209169

    التحميل:

  • الأمر بالاجتماع والإئتلاف والنهي عن التفرق والإختلاف

    في هذه الرسالة بيان حث الشارع على الائتلاف والاتفاق ونهيه عن التعادي والافتراق.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209167

    التحميل:

  • يا طالب العلم كيف تحفظ؟ كيف تقرأ؟ كيف تفهم؟

    ذكر المؤلف حفظه الله ستة عشر مسألة لأمور مشتركة لابد لطالب العلم منها، ثم ذكر ثلاثة عشر مسألة في طريقة الحفظ، وثلاثة وعشرين مسألة في القراءة، وختم بثمان توصيات في طريقة الفهم، وهذا ناتج عن مسيرة الشيخ في العلم والتعليم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/261581

    التحميل:

  • حدث غيَّر مجرى التاريخ [ غزوة بدر ]

    حدث غيَّر مجرى التاريخ: هذا الكتاب تناول غزوة بدر الكبرى بحثًا ودراسةً تحليليةً، من خلال نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وما ورد في ذلك في كتب السيرة المشهورة؛ كسيرة ابن هشام، ومغازي الواقدي، وغيرهما.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/332991

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة